كمَا دأبتْ على ذلك كلّ سنة، منذ تأسيسها سنة 1887، احتفلت مشيخة الطريقة الكتانية، اليوم الجمعة، في مختلف زواياها في الحواضر والبوادي المغربية، بذكرى المولد النبوي، الذي يتزامنُ وإحياء ذكراها السنوية، وذلك بإقامة أمسيات دينية صوفية، قُرئ فيها القرآن، وتُليتْ فيها الأمداح النبوية، ورُفع في ختامها الدعاء.

وشهدَ الاحتفال بذكرى المولد النبوي الذي أحيته مشيخة الطريقة الكتانية في مقرها الرئيسي بمدينة سلا، والذي ابتدأ عقبَ صلاة العصر، حضورَ عدد من أتباع الطريقة. وافتتح الحفل بتلاوة آيات بيّنات من الذكر الحكيم، تلاها توزيع "سُلك" من القرآن تمت تلاوتُها سرّا، فيما كان غيرُ الحافظين للقرآن يردّدون "الهيْللة"، أو الصلاة الإبراهيمية.

وترُوم مشيخة الطريقة الكتانية من الاحتفال بذكرى المولد النبوي، يوم السادس من ربيع الأوّل من كلّ سنة، على غرار احتفال الأمة الإسلامية في كل بقاع الدنيا، التذكيرَ بالمُثل العليا للإسلام، ومعانيه السامية، والحثّ على مراجعة الأمة الإسلامية لسيرتها الذاتية، ومعاملاتها وأخلاقياتها، وتجديد إيمانها بهدي القرآن، والتحلي بالشمائل النبوية.

مشيخة الطريقة الكتانية هي مدرسة علمية صوفية سنيّة أسسها أبو الفيض، الشيخ محمد بين الشيخ عبد الكبير الكتاني. ومن ركائز عمل الطريقة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والتمسك بالوسطية والاعتدال؛ كما تعمل على التربية الروحية، والترقية السلوكية، وتجديد الفقه الإسلامي؛ أما الهدف الأسمى منها فهو السير على منهج التصوف السني المتشبث بالسنة النبوية.

شيخ الطريقة الكتانية عبد اللطيف الشريف الكتاني وجّهَ بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي رسالة توجيهية إلى مختلف الزوايا الكتانية، حثّ فيها على اتخاذ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم قُدوة للأتباع والمريدين، في سلوكهم وفي جميع معاملاتهم، كما حثّ على التحلي بأخلاق القرآن، وبالشمائل النبوية، وحسن المعاملة والمحبة والإخاء.

وقال الشيخ الكتاني، في تصريحات صحافية، إن "احتفال مشيخة الطريقة الكتانية بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، بالموازاة مع تخليد موسمها السنوي، يرمز إلى وحدة الهدف، وهو الدعوة التي جاء بها الرحمة المهداة إلى البشرية جمعاء، والتي لا تتوقف في بيوت الله من مساجد وزوايا إلى يوم الدين".

وزاد شيخ الطريقة الكتانية أن "مؤسس الطريقة أراد أن تكون جميع زواياها مدارس علمية وثقافية نابعة مبادئها من الكتاب والسنة، حتى تكون مصدر إشعاعِ عقيدةٍ وسطية بعيدة عن البدع"، لافتا إلى أن "الطريقة تولي أهمية بالغة لمسايرة سنة الكون في التطور، تماشيا مع روح العقيدة الإسلامية الوسطية السمحة، الحاثة على التقوى والاعتدال والنظر بنظرة التعظيم إلى سائر المخلوقات، وغايتها التمسك بثوابت الأمة عقيدة ومذهبا وسلوكا روحيا".