كلمة شيخ الطريقة الكتانية الأستاذ عبد اللطيف الشريف الكتانـي الموجهة إلى فقراء وفقيرات الطريقة الكتانية، بمناسبة إحياء الطريقة لموسمها الأكبر السنوي في : 06 ربيع الأول، الذي يقترن بذكرى المولد النبوي الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواننا في الله، ومحبينا من أجله، فقراء وفقيرات الطريقة الكتانية، ومريديها ومحبيها بالحواضر والبوادي، ممن نرجو لهم من علام الغيوب، أن يثبتهم بالقول الثابت في الدنيا والآخرة. حفظكم الله ورعاكم، وأدام عليكم نعمه الظاهرة والباطنة، محافظين على عهودكم، وفيين لثوابت أمتكم عقيدة ومذهبا، وولاء لإمارة المؤمنين.
سلام الله البر الرحيم يشملكم، ورحمته وبركاته تعمكم. بوجود مولانا الإمام المؤيد بالله، دام عزه وعلاه.
وبعد، لقد حل برحاب أمتنا الإسلامية قبل أسبوع، شهر ربيع النبوي عام ثلاثة وثلاثين بعد الأربعمائة والألف من الهجرة، مؤذنا بحلول أخلد الذكريات وأزكاها على مر الأيام، ذكرى مولد خير الأنام، حبيب الرحمن، سيدنا مـحـمـد، صفوة خلق الله، من أنبيائه الكرام عليه السلام .
إن الأيام الفاضلات الخالدات التي نعيشها في هذا الشهر الكريم، لهي أيام مباركات، يمتلئ فيها قلب المؤمن الصادق سعادة وسرورا، وبهجة وحبورا، هروبا من حالات اليأس والقنوط، ولجوء إلى رحمة الله، للظفر بالأمن والسكينة، والهدوء والطمأنينة،التي أشار إليها رب العالمين في كتابه العزيز، "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك، وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين"
"اللهم صل على سيدنا ومولانا أحمد، سر الذات، ولوح التشكلات، وعلى آله وصحبه وسلم".
فالصلاة على سيدنا مـحـمـد من أفضل العبادات، إنها ذكر من أفضل الذكر، وقربة من أحسن القربات، جزيل أجرها، عظيم ثوابها، إذ صلاة المؤمنين والمؤمنات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، معناها: قيام المؤمنين بصفة عامة، بوظائفهم الشرعية خير قيام، وأداؤهم لفروضهم الدينية خير أداء، تنفيذا لأوامر الله، واجتنابا لنواهيه.
وعليه، فاحتفال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بهذه الذكرى المجيدة، يجب أن يرتكز على التذكير بالمثل العليا للإسلام وأهدافه السامية، والحث على مراجعة الأمة الإسلامية لسيرتها الذاتية، وسلوكها في التربية الروحية والهداية الأخلاقية،’وتجديد لإيمانها بهدي القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، تماشيا مع روح العقيدة الإسلامية السمحة، التي تحث المسلمين في جميع بقاع الأرض، على فعل الخيرات، والتسامح والتعايش، وحسن المعاملة، وطيب الكلام، والمحبة والإخاء، تجسيدا لقول الله تعالى:"لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
إخواننا في الله، ومحبينا من أجله
من إشراقات ذكرى المولد النبوي الشريف، لكم تحية، ومن نفحات ربكم الرحمن الرحيم تحية
"ســلام قـولا مـن رب رحـيـم"
لقد تضافرت أيها الإخوة، عوامل التطور في عصرنا الحاضر ومستجداته المتسارعة، وأحداثه المتوالية، على إبعادنا عن أنفسنا وعن مقومات هويتنا الإسلامية الأصيلة، وعن تاريخنا المجيد، وعن مرتكزات قيمنا الحضارية العريقة. ولعله قد آن الأوان لأن تغتنم الأمة الإسلامية، مناسبة إشراق أنوار الحقيقة الأحمدية على الوجود، في هذه الأيام المباركات، لفتح آفاق الحوار الجاد، على مختلف المستويات، وعلى نطاق واسع، وبكامل العناية والرفق، وغاية الرحمة والود، بين جميع أطياف الأسر المسلمة، وكافة شرائح المجتمع الإسلامي، في مسامرات، ومحاضرات، وموائد مستديرة، للعودة بـنـا، وبأجيالنا الصاعدة، إلى منطلقاتنا الإسلامية الثابثة وقيمنا الحضارية التليدة، جاعلين نصب أعيننا قول اللـه عـز وجـل : "إن اللــه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.
معشر المريدين الكتانيين الأعزاء، والمنتسبين والمحبين الأجلاء
مما هو معلوم، فإن موسم الطريقة الكتانية الأكبر، يتزامن مع ذكرى مولد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ووقع اختيار الشيخ المؤسس على هذه المكرمة، لكون الطريقة شيدها طيب الله ثراه، على الإستقامة والتوبة والتقوى، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجعل من العقيدة الإسلامية الوسطية، والتربية الروحية، والهداية الأخلاقية، والترقية السلوكية، وتجديد الفقه الإسلامي عمودها الفقري، ومن الوفاء لثوابت الأمة عقيدة ومذهبا وسلوكا روحيا وولاء لإمارة المؤمنين هدفها الأسمى، سيرا على منهج التصوف السني المتشبث بالسنة النبوية الغراء.
فر حم الله مولانا الجد، أبو الفيض الشيخ المؤسس سيدي محمد الكتاني، وجزاه الله بما يجزي به عباده المتقون، الذي وفقه الله لاستلهام أركان الطريقة الكتانية وعهودها ومعالمها الصوفية من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية المطهرة، استنباطا من قول الله تعالى : "وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا" ( سورة الجن، الآيتان: 16ـ17)
إخواننا في الله ومحبينا من أجله
إنها لفرصة تاريخية عزيزة، تجعل من استمرار اقتران الإحتفال بذكرى المولد النبوي، والإحتفال بالموسم السنوي الأكبر في مناسبة واحدة، ضرورة دينية وثقافية واجتماعية ووطنية ملحة، والحرص على الإحتفال بذكراهما كلما حان موعدهما لأن الهدف واحد.
"اللهم أتم علينا نعمتك، وانشر علينا رحمتك، وأدخلنا اللهم بفضلك جنتك، إنك سميع مجيب".
وانصر اللهم نصرك العزيز، مولانا أمير المؤمنين محمدا السادس، اللهم أصلح به أمور البلاد، وقوم بسلطانه شؤون العباد، وأقر عينيه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل المولى الحسن، أنبته الله في كنفه الرضي نباتا حسنا، واشدد اللهم أزره بشقيقه البار صاحب السمو الملكي المولى الرشيد، وبشعبه المغربي النبيل، سميعا لكلماته، فخورا بإنجازاته،إنك نعم المولى ونعم النصير.
وصل اللهم بجودك وسلم على نور الهدى سيدنا ومولانا أحمد، صلاتك العظمى وسلامك الأقوم، على قدر ما هو أهله، بما هو أهله. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
شيخ الطريقة الكتانية
عبد اللطيف الشريف الكـتـانـي