باسم الله الرحمن الرحيم             والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرؤوف الرحيم  

هـــــــــؤلاء نــحـــــــن

يصادف افتتاح الموقع الإلكتروني الإعلامي والتواصلي للطريقة الكتانية، تعيين مــولانـا أمـيـر المـؤمـنيـن، سليل العترة النبوية الشريفة، ظـل الـلــه في الأرض، صـاحب الجلالة والمهابة، الـمـلـك سيدي محمد السادس، أعز الله أمره، وخلد في الصالحات ذكره، لـلأسـتـاذ عبد اللطيف بن الشيخ العلامة سيدي محمد الطيب الشريف الكـتـاني شـيـخـا للـطـريـقـة الـكـتـانـيـة، بظهير شـريـف يحمل رقــم: 1.09.61 محرر بمدينة فــــاس، العاصمة الـعـلـمـيـة للـمـمـلكة الـمـغـربـية، بتـاريـخ 22 صفر 1430    (18 فبراير 2009) جاء بديباجته مايلي:
"يعلم من ظهيرنا الشريف هذا أسماه الله وأعز أمره، أننا بحكم ما أولانا الله من الإمامة العظمى، واعتبارا لكون جلالتنا أميرا للمؤمنين، الـمرجـع الأوحـد في سـائـر أمـور الـديـن، على مقتضى الشرع والتقاليد المرعية في مملكتنا الشريفة، بما في ذلك رعاية شؤون الطرق الصوفية، ومـا يتعلق بها من أمور الزوايا والأضرحة، توجيها وتسييرا ورعاية لحرمة مـزاراتهـا، وللقائمين بها، ولا سـيمـا الشـيـوخ والـمـقـدمـيـن، وسائر المرابطين والمنتــسـبـين لها، عـيـنــا ماسكه خديمنا الأرضى السيد عبد اللطيف بن محمد الطيب الشريف الـكـتـانـي شيخا للطريقة الكـتـانية."

 

وإنها لمناسبة تاريخية، تتجدد فيها روابـط الـبـيـعـة الشرعية المقدسة للعرش العلوي الـمـجـيـد التي تتجمع حول ظلالها الملكية الأصيلة على الدوام والإستمرار مختلف طـبـقـات الأمة، وفـي طليعتهم كافة المرابطين والمنتسبين للطريقة الـكـتـانية، وتـتـأكـد بـهـا أواصـر الـولاء والـوفـاء والمحبة والإخلاص، القائمة بين العرش، وبين أفراد الأمة الـمغـربـيـة جـمعـاء،وبـخاصـة مـنهم بنين وحفدة الأشياخ المؤسسين للطريقة الـكـتـانية، وسـائـر مـقـدمـيـهـا وفـقـهـائها وفـقـرائـهـا ومريديها والمنتسبين إليها ومحبيها في الحواضر والبوادي بجميع ربوع الـمـمـلـكـة الشريفة، المتحلين بفضيلة الوفاء لثوابت الأمة عقيدة ومذهبا وسلوكا روحيا وولاء لإمــارة الـمـؤمـنـيـن.

 

وجدير بالذكر فإن شيخ الطريقة الكتانية الذي تم تعيينه من قبل أمير المؤمنين، جلالة الملك مولانا محمد السادس، أعز الله أمره في هذا المنصب الديني المرموق، يرقى نسبه إلى مبدع الطريقة الكتانية ومؤسسها، أبو الفيض الشيخ سيدي محمد ابن جبل السنة الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني، فهو الأستاذ الجليل عبد اللطيف بن الشيخ سيدي محمد الطيب بن الشيخ سيدي محمد المهدي، الحفيد البكر لهذا الأخير، الذي هو النجل الأكبر لأبي الفيض الشيخ سيدي محمد الشريف الكتاني مؤسس الطريقة الكتانية، أكرمه الله عز وجل بحفظ القرآن الكريم على يد والده وموجهه العلامة الجليل، الشيخ سيدي محمد الطيب الشريف الكتاني، واجتاز بنجاح وتفوق، امتحانا على يد عدلين مبرزين في إتقان حفظ القرآن ورسمه وتجويده، كما تلقى على يده أصول اللغة العربية، والعلوم الشرعية، وبخاصة منها متون: ألفية ابن مالك، والأجرومية في النحو واللغة، والمرشد المعين على الضروري من علوم الدين، ولامية الأفعال، وغيرها من المتون. ثم عمق معارفه الثقافية والعلمية في الفقه والحديث، وأصول الشريعة، على يد أساتذة وفقهاء وعلماء أجـلاء، نخص بالذكرمنهم: حجة الإسلام، شيخ الجماعة، سيدي المدني بلحسني، وشيخ الجماعة، العلامة القدوة، سيدي أحمد بن عبد النبي.

 

والخلاصة، فإن شيخ الطريقة الكتانية، الأستاذ سيدي عبد اللطيف الشريف الكتاني الذي وقع اختيار مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك مولانا محمد السادس حفظه الله ونصره عليه، ليرعى نيابة عن جلالته أحوالها، ويدبر أمور زواياها، ويقوم بتعيين مقدميها بإذن من جنابه الشريف، ساهرا على القيام بواجبها في التربية الروحية والهداية الأخلاقية والترقية السلوكية،  سيرا على منهج التصوف السني المتشبث بالسنة النبوية الغراء، يعتبر من خيرة عناصر الأسرة الكتانية، المتشبثة بأذيال العرش العلوي المجيد وكبيرها، مجاز في الحقوق، وذو ثقافة واسعة، وخبير مقتدر، حنكته التجارب بحكم المناصب المتنوعة، الدعوية والإسلامية منها، والدبلوماسية والإدارية التي تقلب فيها داخل الوطن وخارجه، ومشاركته النشيطة في كثير من المؤتمرات والندوات الدولية، المتزعمة لحركة الحوار الإسلامي المسيحي، والتعايش والتسامح بين الديانات السماوية.

 

ومن خلال قراءة متأنية للسيرة الذاتية للشيخ عبد اللطيف الشريف الكتاني، ذي الأخلاق العالية، والسريرة النقية، والطيبوبة المتناهية، والصدق في المعاملة، والإخلاص في العمل، المنشورة بتفصيل في ركن الشيخ، بالموقع الإلكتروني للطريقة الكتانية، نستنتج بأن القدر كان يهيء الأستاذ عبد اللطيف لشغل منصب مشيخة الطريقة الكتانية في يوم من الأيام، فألهم الله والده الشيخ مولاي محمد الطيب الشريف الكتاني طيب الله ثراه، ليجعل منه قدوة لبقية أنجاله البررة، ويحيطه بعناية خاصة في التربية والتعليم، والتكوين والتوجيه، بما في ذلك الدعوة والإرشاد.

 

فأجازه سنة 1403 هـ (1983 م) بالمدينة المنورة في المسجد النبوي الشريف بين قبر ومنبر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إ جازة عامة شاملة، بشروطها المعتبرة عند أكابر الرواة، ورجال الحديث والأثــر، نلخص مااشتملت عليه هذه الإجازة العلمية في النقط الثلات التالية:
أولا :  بقراآته السبع لكتاب الله عز وجل أداء وتجويدا ورسما، بروايات القراء الفحول الأئـمـة: "نافع، ورش، وقالون"

 

ثانيا:  بجميع مسموعاته ومروياته من الصحاح والحسان في المساند والسنن، وسائر المصنفات في العلوم الشرعية الأصلية والفرعية والنقلية، عن جمع كريم من العلماء والمحدثين والفقهاء، وجمهرة منتخبة من خيرة علماء المشرق والمغرب، ممن ازدانت بأسمائهم وصفاتهم صفحات هذه الإجازة العلمية المرفقة، والنادرة في زمننا الـحـا ضـر.

 

ثالثا: "بـحـديـث الـرحـمـة" الذي رواه عن عدة شيوخ مغاربة ومشارقة، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

        "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم مـن في السماء"

 

وهو حديث تفرد به بهذا اللفظ: عمرو بن دينار عن أبي قابوس، وتفرد به عن عمرو بن دينار سفيان بن عيينة، ومن طريق سفيان بن عيينة استفاضت روايته.

 

 وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داوود، والترمذي، والحاكم في مستدركه.

 

وقد اشتمل هذا الحديث على فضائل عظيمة، وصفات حميدة، وخصال كريمة، من بينها:
التراحم والتوادد، والتعارف والتواصل، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمةالمسلمين وعامتهم.

 

وختمت الإجازة بدررمن الوصايا النفيسة، والتوجيهات الثمينة، نخص منها بالذكر مايلي:"..... وأوصي حضرة المجاز الملهم، بلغه الله غاية الآمال في كل الأقوال والأفعال: بملازمة التقوى في السروالنجوى، "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله" وبالاجتهاد في طاعة العلي الأعلا، واتباع صراط الله المستقيم، وبمجاهدة النفس، وكثرة الأذكار، وتطهير القلب من سائر الأغيار والأكدار، والتحلي بالحلم والعلم والأدب والصدق في كل الأحوال، وملازمة مكارم الأخلاق، وبنظرة التعظيم لسائر المخلوقات، وبكثرة الصلاة على المتبوع الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبالدعاء للأمة المحمدية في سائر الحالات."

 

 ومن غريب الصدف، فإن مكان هذه الإجازة النادرة، التي أكرم الله بها الـشـيخ سـيـدي عبد اللطيف، قدر لها أن تنجز بالمدينة المنورة، بالحرم الشريف، وتاريخها وافق شهر ربيع الثاني. ولعل هذه المؤشرات والموافقات، لاتخلو من بشائر، بل تحملان بين طياتها أسرار وعلامات أنوار التصوف السني الذي بنى عليه الشيخ المؤسس للطريقة الكتانية، أبو الفيض الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني وطريقته المميزة، في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والتي أتت أكلها بإذن ربها.

 

        بقي علينا هنا أن نشير بالمناسبة، إلى أن هذه الوصايا الحميدة، الواردة في هذه الإجازة الفريدة، جاءت لتؤكد من جديد، كتابة وبخط مولانا الوالد، الشيخ سيدي محمد الطيب، ماكان قد تلقاه شيخ  الطريقة، الأستاذ سيدي عبد اللطيف مباشرة منذ نعومة أظفاره، وفي ريعان  شبابه، في بيوت والده، وجده الشيخ سيدي محمد المهدي، وأعمام والده الأجلاء، أسكنهم الله فسيح جنانه، وفي رحاب العديد من الزوايا الكتانية في الحواضر والبوادي، نذكر منها على الخصوص مايلي

 

زوايــــا: ســــلا والرباط، وطنجة وتطوان، وأصيلة والقصر الكبير، وأولاد سدرة، والخميسات، والرماني، ومـراكش على العموم، من معالم الطريقة الصوفية السنية وأركانها وعهودها، ومن مقاصدها أهدافا وحدودا، وفي الطليعة الوفاء لثوابت الأمة، عقيدة ومذهبا، وسلوكا روحيا، وولاء لإمارة المؤمنين.  

 

ومجمل القول، فإن هذه الإجازة العلمية الفريدة، نجدها مستوحاة من كتاب الله عز وجل، الذي هو ذكر الأذكار، ومنبع الهدى والأسرار، ومن السنة النبوية المطهرة، التي هي عمدة كافة أهل الاعتماد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ الأمين لرسالة رب العالمين، " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم ولعلهم يتفكرون." " لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة."
 


نضرع إلى الله العلي القدير، أن تكون هذه الإجازة العلمية المباركة للشيخ المجاز نورا يهتدي به، وينير له طريقه في القيام بالأمانة التي حملها، ونبراسا يهتدي به في أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته. إن ربنا لسميع الدعاء.

وجدير بالذكر، فإن هذه الترجمة، عثر عليها في مسودة بالصدفة، بخط يمين شقيقنا البار، ذي الأخلاق الفاضلة، والسمت الحسن، فقيد أهل الدعوة إلى الله، والعلم والمعرفة، العلامة الجليل، مولاي عبد الله الكامل الشريف الكتاني، أسكنه الله فسيح جنانه، حققت وأنجزت،ثم نشرت في الركن الذي كان يريد نشرها فيه، محررها فقيدنا الغالي بالموقع الإلكتروني للطريقة الكتانية، وفاء لروحه الطاهرة، وتقديرا منا لأخوته الصادقة.           الشيخ عبد اللطيف الشريف الكتاني