بسم الله الرحمن الرحيم


مشيخة الطريقة الكتانية

كلمة شيخ الطريقة الأستاذ عبد اللطيف بن محمد الطيب الشريف الكتاني


الطريقــة الكتانيــة : مبــادئ وأهــداف

1. تمهيد :

يطلق الطريق على المسلك الذي يسلكه الإنسان محمودا كان أو مذموما ، وطريقة الرجل مذهبه وطرائق القوم أشرافهم ، ومنه قول الله تعالى: " كنا طرائق قددا" أي فرقا مختلفة أهواؤنا.

وطريقة القوم أماثلهم وخيارهم الذين يجعلونهم قدوة يسلكون طريقتهم.

وقد أحسن رجال التصوف توظيف هذه المعاني تعبيرا عن دقائق آرائهم في التصوف السني والسلوك الروحي.

2. الطريقة في استعمالها القرآني:

استعملت كلمة الطريقة في القرآن العزيز مرة واحدة في قول الله تعالى:

"وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا" سورة الجن، الآية : 16/17

لقد أخذ هذا الاستعمال القرآني البليغ بألباب وأفئدة رجال التصوف، فاتخذوه اسما لحركتهم الإصلاحية، الهادفة أولا وقبل كل شيء إلى الحد من طغيان الماديات على الروحيات في سلوك الأفراد والجماعات.

3. تحت راية القرآن :

رغبة في تصحيح الأوضاع تحت راية القرآن وحملا للأمانة الكبرى التي حض عليها القرآن الإنسان، أقام جدنا أبو الفيض الشيخ سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني رضي الله عنه الطريقة على تقوى من الله ورضوان، متخذا من القرآن العظيم، وتلاوته وتفسيره وعلومه وأخلاقه وآدابه وتشريعاته وأحكامه أساس عقيدة التوحيد، وانطلاقا من المسجد مكانا للعبادة، والزاوية معهدا للتربية والتعليم: "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا" سورة الجن، الآية 18.

بالإضافة إلى أن القرآن العظيم هو ذكر الأذكار، ومنبع الهدى والأسرار، ومستودع الوحي، وروح الرسالة، فإن أتباع سنة خير الآنام المرتضى الأمين عليه الصلاة وأفضل السلام، هي عمدة أهل الاعتماد من كافة أولياء الله الصالحين، فهو صلى الله تعالى عليه وسلم المبلغ عن الله عز وجل للعالمين رسالة رب العالمين. "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" سورة النحل، الآية: 44.

وهو صلى الله تعالى عليه وسلم، العمدة والقدوة لجميع الأولياء والمصلحين: "لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة" سورة الأحزاب، الآية: 21.

ونساء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مؤتمنات على ما يتلى في بيوتهن من آي الذكر الحكيم، وسنة رسوله المصطفى الكريم، والمسلمون والمسلمات، والمومنون والمومنات، خلف صالح لسلف صالح من بعدهن تبع لهن في هذا المنهاج الإسلامي القويم:

"واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة، إن الله كان لطيفا خبيرا. إن المسلمين والمسلمات، والمومنين والمومنات، والقانتين والقانتات، والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما" سورة الأحزاب، الآية: 34/35.

هكذا تحفظ عليك الطريقة الكتانية، أخي في الله أول ما تحافظ عليه، عقيدة التوحيد من مصدرها الأصيل، القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة.

ثم تتابع معك الطريقة الكتانية عروجها بروحك وسموا بها نحو أخلاق القرآن وآدابه، قبسا من أخلاق سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة وأزكى السلام.

4. التقوى ركن أساسي من أركان الطريقة الكتانية :

محبة في من كان خلقه القرآن واستغراقا في روحانياته الشريفة عليه الصلاة والسلام، بنت الطريقة الكتانية معالمها على تصحيح مقام التقوى حفاظا على مراتبها بدءا من امتثال ما أمر الله به، وانتهاء باجتناب ما نهى الله عنه.

"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" سورة النساء ، الآية :1

" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" سورة الحجرات، الآية : 13

5. التوبة ركن ركين من أركان الطريقة الكتانية :

واعتمادا على ما سبق، فقد حرص مولانا الجد مؤسس الطريقة الكتانية رضي الله عنه على الحض على جعل التوبة ركنا أساسيا من أركان الطريقة، تجديدا لمعالمها، وربطا لهذه الفضيلة الاجتماعية بأصلها القرآني البديع الذي أشارت إليه سورة النساء، في الآية 17.

" إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة، ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما". الآية 17 من سورة النساء

6. تجديد معالم الطريقة :

وسيرا على نهج جدنا أبي الفيض سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني رضي الله عنه نحرص من جانبنا أولا وقبل كل شيء على نشر معالم طريقته الصوفية السنية وفق مخططاته في الإصلاح الديني والروحي ، توضيحا لهذه المعالم، وشحذا للعزائم، وإشاعة لمبادئها بين عامة الناس وخاصتهم، رجالا ونساء شيبا وشبابا، صغارا وكبارا.

دعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة قولا من أحسن القول وفصل الخطاب:

"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " سورة فصلت الآية 31/34. صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته