هو محمد الزمزمي بن محمد بن جعـفر بن إدريس بن الطائـع بن إدريس بن محمد الزمزمي بن محمد الفضيل بن العربي بن امَحمد بن علي الجد الجامع. ولد بفاس عام 1305هـ ، وأخذ بها عن علية علمائها، وحج عام 1321هـ، وأخذ عن كبار علماء المشرق ، ثم هاجر مع والده للمدينة المنورة المرة الأولى عام1325هـ، ثم المرة الثانية عام 1328هـ، فلازم دروسه بالحرم النبوي كلها، وعدة من أعلام الحجاز والوافدين عليها، ثم انتقل مع والده لدمشق الشام عام 1336هـ، وأخذ عن أعلامها، كبدر الدين البيباني، ومحمد أمين سويد وغيرهما، وأخذ عنه بها جملة من أعلام بلاد الشام، وزار الهند والعراق مرتين عام 1343 و1353. كان الشيخ محمد الزمزمي الكتاني من رجال الطبقة الأولى من علماء المغرب، بل متميزا عنهم بحكم رحلته الواسعة، وطول فترة طلبه العلم، وعظم مقدار من لازم وتتلمذ عليه في مختلف المذاهب والفنون الإسلامية. وبالرغم من ذلك لم يكن يبخل بعلمه ومعارفه في أي محل زاره أو رحل إليه، أو حل به، فأخذ عنه أعلام من الحجاز والشام والعراق، والهند والمغرب، واستفادوا منه، واستجازوه في العلم والتصوف. كما كان له نشاط سياسي كبير، خاصة في الفترة قبل رجوعه إلى المغرب عام 1345هـ، فقد كان ذراع والده الأيمن في جميع نشاطاته السياسية، والواسطة بينه وبين جميع الملوك والرؤساء، والزعماء الذين تعرف إليهم. وكان المترجم صوفيا صالحا، عابدا ذاكرا، سالكا مسلكا، مأذونا في تسليك أكثر من أربعين طريقة صوفية. وكتب محمد الزمزمي مذكرات وكتابات حوت تاريخ العالم الإسلامي من الهند للمغرب، وأهـم ما في تلك الفترة من أحداث دامية وثورات، وأحوال المجتمعات التي زارها، وعلاقاته بالحكام والزعماء والعلماء والصوفية الذين تعرف إليهم. وقد جمع تلك الكتابات حفيده الدكتور علي بن المنتصر الكتاني في ثلاثة مجلدات سماها "حياتي"، أو "عقد الزمرد والزبرجد في سيرة الابن والوالد والجد". كما ترك المترجم عدة مؤلفات، منها رحلتان للهـند، ومذكرات شخصية، ومجموعة المراسلات مع أعلام المشرق والمغرب وملوكهما، وديوان جمع فيه عيون القصائد في الأمداح النبوية، وكناشة حافلة ملأها بمختلف الفوائد في جل الفنون، علاوة على كتاب "عقد الزمرد الزبرجد" السابق الذكر، وغير ذلك. توفي رحمه الله تعالى بدمشق أثناء زيارته لها، يوم الاثنين 26 صفر الخير عام 1371هـ، ودفن بروضة الشرفاء الكتانيين بمقبرة الباب الصغير بها.

 

عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"