من رجال الطبقة الأولى من علماء القرويين، مدرس مشارك في كل العلوم. ولد بفاس في شهر ذي القعدة الحرام عام 1291، وأخذ عن أعلام بيته وغيرهم. وسافر للحج عام 1323، والتقى بكبار أعلام المشرق، فاهتبلوا به، وأخذوا عنه وأخذ عنهم، واستجازهم واستجازوه. ارتقى مولاي أحمد بن جعفر إلى علماء الدرجة الأولى من رجال القرويين عام 1337، ولازم التدريس والإفادة منذ صغره، وكان له كرسي للتدريس بجامع القرويين الأعظم، كما كان له تلامذة وأشياع يلازمونه ويتبعونه، أصبح بعضهم من رواد الحركة الوطنية فيما بعد. كما تميز الشيخ أحمد الكتاني بعدائه للاستعمار، بحيث تجهز للجهاد بالسلاح والتدريب، ورفض تعليق علم فرنسا على منزله رغم ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك الرفض من مخاطر لا تحمد عقباها حينه. ولازم منزله مدة طويلة، بحيث لم يتعامل مع الوضع الجديد، ولم يقابل وجهه وجه فرنسي قط. ومن أهم ما يميز سيرته: أن الحركة الوطنية المغربية تأسست في مكتبه بمنزله، ومنه خرجت، حين اجتمع نجله العلامة محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني رفقة أصدقائه؛ ومنهم: المجاهد الزعيم علال بن عبد الواحد الفاسي، والفقيه محمد غازي، وأقسموا على المصحف الشريف على تحرير البلاد من نير الاستعمار، والدفاع عن الشريعة الإسلامية والأسس الوطنية به. ترك ما يدنو من مائة مؤلف في مختلف مجالات المعرفة، منها : شرح صحيح الإمام البخاري ؛ المسمى: "المنهج المليح في شرح مقفل الصحيح"، و"الفتح المبين في الكلام على آية : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)"، وأعظم المناهل على الشمائل"، "والمنهل الفسيح على بردة المديح"، وشرح لهمزية البوصيري، و"الوتريات في الأمداح النبويات"، و"الفتح الرباني على توحيد رسالة ابن أبي القيرواني"، و"كشف الأغلاق عن حكم العارف الحراق"، و"الأئتسا في فضل النسا" و"المدد الفائض على خمرية ابن الفارض"، و"عنوان الشرف الأسمى في الإمامة العظمى"... وغير ذلك. كما شارك في التوقيع على عدة نوازل وفتاوى مصيرية لكبار علماء المغرب، كان لها الدور في الحركة الإصلاحية قبيل الاستعمار. توفي دون الخمسين من عمره، في السادسة صباحا من يوم الأحد 23 جمادى الأولى عام 1340، حيث ووري جثمانه داخل قبة سيدي الدراس بن إسماعيل بمقبرة القباب بفاس.
عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"