رئيس رابطة علماء سوريا، المصلح الكبير، والصوفي العارف بالله تعالى، ولد بمدينة فاس عام 1312، وأخذ عن أعلامها. هاجر مع والده إلى الحجاز، ثم عاد إلى فاس معه عام 1345/1927 حيث مكث بها أقل من سنة رجع بعدها إلى دمشق ليستقر بها بقية عمره ناشرا للعلم، وباثا للتوجهات الإسلامية، فظل يقرئ فيها شتى العلوم من حديث وفقه وتوحيد وتصوف، ويلقن الأوراد والطرق الصوفية، ويربي الأجيال في منزله بحي الميدان وحي العمارة، وبالجامع الأموي، وبجامع مازي، والتكية السليمانية وغيرها من المحال والمدن التي واظب على زيارتها في جميع بلاد الشام، ثم تولى منصب مفتي المذهب المالكي بسوريا. وكان ذا اهتمام كبير بالقضايا الإسلامية، ومحاربة الاستعمار بشتى وجوهه، فأسس في دمشق "جمعية الكف الأسود"، واختار لها أربعين رجلا من كبار رجالات السوريين العقلاء، والناهضين بالقضايا الإسلامية عامة، ولدعم المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر والمغرب، والإنكليزي في فلسطين، والإيطالي في ليبيا. كما أسس "جمعية تحرير المغرب العربي" لدعم المجاهدين الجزائريين، التي سميت فيما بعد : "جمعية أنصار المغرب وتحريره". وأسس أيضا "رابطة علماء سوريا" عام 1365، ووجه أعمال الرابطة بتوحيد الصف في سوريا ضد الاستعمار وأعوانه. وكان ممن نادى بتأسيس "رابطة العالم الإسلامي" والدعاية لها، وعند تأسيسها كان عضوا بارزا فيها. ومثل المغرب وسوريا في الندوات والمؤتمرات الإسلامية والعربية؛ منها: أول مؤتمر إسلامي اشترك به في القدس الشريف. وفي عام 1383 أشرف على ميثاق وطني يضم جميع الأحزاب السياسية والحركات والجمعيات الإسلامية بسوريا، ووضع مناهج جديدة في ميدان التعليم من شأنها الحفاظ على الوجود الإسلامي بالبلاد. وكان يعد من كبار علماء الرواية والإسناد في عصره، بفضل أئمة العلم والحديث الذين استجازهم فأجازوه بالمغرب والحرمين الشريفين، وسورية والعراق، ومصر وتركيا والهند. ترك الشيخ المكي الكتاني عدة مؤلفات؛ منها: تعليق على كتاب "العلم المحمدي" لوالده، ونصيحة عامة، ومجموعة كبرى من المقالات والاستجوابات التي نشرتها صحف المشرق والمغرب. توفي بدمشق إثر عملية جراحية في 26 ذي القعدة الحرام عام 1393، وشيع في محفل رهيب إلى روضة الشرفاء الكتانيين بمقبرة الباب الصغير بها.
عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"