محدث الحرمين الشريفين، عالم موسوعي، مصلح سياسي، وداعية إلى الله. ولد في الثاني عشر من ربيع الأول عام 1332/1914 بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. ثم انتقل مع أسرته من المدينة المنورة إلى دمشق الشام عام 1336، حيث حفظ القرآن الكريم وتلقى أساسات العلم، وحضر الكثير من دروس جده بعد ذلك ارتحل إلى المغرب (إلى مدينة فاس) حيث تشرب العلوم، وانتفع ونفع ... توفي بالرباط يوم الثلاثاء الثامن من صفر الخير لعام 1419 الموافق 2-6-1999، ودفن اليوم الموالي في مقبرة الشهداء بالعلو، بمدينة الرباط. . في عام 1345 انتقل مع أسرته إلى فاس؛ وحضر بها دروس كبار علمائها، وفي هذه الفترة – وهو ابن 17 عاما – خرج في مظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي، فاعتقل وضرب بالسياط، كما كان يشارك في خلايا الحركة الوطنية الأولى، وينشر الوعي في أوساط المجتمع ضد الاستعمار وأطماعه. وبعد تمكنه من فقه المالكية؛ اتجه إلى فقه الظاهرية مطالعة وبحثا ونقدا، ودرس محلى ابن حزم في مدة من اثنتي عشر عاما. واستمر في حياته العلمية والثقافية؛ فأسس عدة مدارس بفاس وسلا وطنجة، وشغل مديرا لبعضها، كذلك، ودرس العلوم الشرعية والفكر الإسلامي في مختلف مساجد المغرب الكبيرة، وعمل فقيها ضابطا بمحكمة الاستئناف الشرعي العليا بالرباط، وأستاذا للفقه المالكي والحضارة الإسلامية بمعهد الدراسات المغربية العليا بالرباط. وكانت داره مقصدا للمثقفين والمستشرقين. ثم رحل إلى دمشق الشام عام 1375/1955 ودرس في جامعة دمشق التفسير والحديث والفقه بكلية الشريعة، وعين رئيسا لقسم علوم القرآن والسنة في عموم كليات سوريا، ودرس بجامع دمشق وبمنزله بحي الميدان، وكان مفتيا للمالكية بدمشق. واستمر في الشام داعية إلى الله تعالى، والتقى بزعماء القيادات الإسلامية في العالم، كأبي الأعلى المودودي، ومفتي باكستان محمد شفيع الديوبندي العثماني، ومحمد الطاهر ابن عاشور التونسي، ومحمد البشير الإبراهيمي، وكانت بينهما صحبة ومودة خالصة وتعاون، وكان له دور كبير في الإصلاح الديني والسياسي بها. ثم اضطرته الظروف إلى الهجرة من الشام إلى مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، حيث اصطفاه الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز آل سعود مستشارا له، لما وجد فيه من الروح الإسلامية الجياشة، والعلم العميق المتمكن. وعمل في الحجاز في سلك التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي كان أحد مؤسسيها، أستاذا للتفسير والحديث والفقه، والمذاهب الإسلامية والاجتماعية المعاصرة في كلية الشريعة وكلية الدعوة، ودرس الحديث في كلية الشريعة وكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، ثم بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وعضوا ومستشارا برابطة العالم الإسلامي. وكان مواظبا على التدريس بالحرمين الشريفين. فقد عرف بعلمه الموسوعي واطلاعه النادر، إذ كان من أبرز المفكرين المعرفين بالتراث الأندلسي والفقه الظاهري، والمنظرين لنظام الدولة الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي. وهو صاحب فكرة "موسوعة الفقه الإسلامي" في مصر، بل يعد من أول من دندن حولها في العالم الإسلامي، وكان المقصود منها: تيسير الوصول إلى مظان الفقه الإسلامي، خاصة المذاهب الفقهية غير المتبوعة والمنقرضة، وذلك لتيسير إحياء الحكم بالشريعة الإسلامية كما كان الحال في أيام الخلافة الإسلامية المزدهرة. ترك مؤلفات كثيرة في مختلف الفنون منها : "معجم فقه الظاهرية" في مجلدين باسم موسوعة الفقه الإسلامي، ثم ألف: "معجم فقه السلف: صحابة وتابعين وعترة" في تسعة أجزاء طبعتها جامعة أم القرى عام 1406، تقديم وتحقيق لكتاب جده: "الرسالة المستطرفة". و"فاس عاصمة الأدارسة". و"ترجمة الإمام مالك". وترجمة الحافظ ابن حزم الأندلسي. و"تخريج أحاديث كتاب "تحفة الفقهاء في فقه الأحناف" لأبي الليث السمرقندي، بالتعاون مع العلامة الدكتور وهبة الزحيلي. طبع في مجلدين. و"شرح وتخريج مسند الإمام أحمد". أتم منه ستة عشر جزءا. و"المعذبون في الله في القرون الفاضلة". و"المعقب في رجال الحديث". عقب فيه على الحافظ ابن حجر وغيره من أئمة علم الرجال. ومؤلف في إثبات التدوين في القرن الأول الهجري، والرد على المستشرقين الذين ادعوا أن التدوين لم يكن إلا في القرن الثاني. طبع في مقدمة تخريجه لأحاديث "تحفة الفقهاء". و"مستند الإمام بقي بن مخلد الأندلسي". جمع و"مسند الإمام ابن حزم الأندلسي". و"كتاب الأموال في الإسلام"، و"نظام الخلافة الإسلامية"... وغير ذلك.
عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"