كلمة فضيلة شيخ الطريقة الكتانية
الموجهة إلى السادة والسيدات، الفقراء والفقيرات الكتانيين
والمحبين والمنتسبين للطريقة الكتانية بالحواضر والبوادي
بمناسبة إحياء الطريقة الكتانية لموسمها السنوي الأكبر
في: 06 ربيع الأول من كل عام1436هـ موافق: 29 دجنبر 2014م
الذي يقترن عادة باحتفالها بمولد خير البرية،
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواننا في الله ومحبينا من أجله، فقراء وفقيرات الطريقة الكتانية، ومريديها ومحبيها بالحواضر والبوادي، ممن نرجو لهم من علام الغيوب، أن يثبتهم بالقول الثابت في الدنيا والآخرة. حفظكم الله ورعاكم، وأدام عليكم نعمه الظاهرة والباطنة، محافظين على عهودكم، وفيين لثوابت أمتكم عقيدة ومذهبا، وولاء لإمارة المؤمنين.
سلام الله البر الرحيم يشملكم، ورحمته وبركاته تعمكم.
بوجود ظل الله في الأرض، مولانا الإمام المؤيد بالله، دام عزه وعلاه.
أيها الإخــوة المؤمنون
من إشراقات ذكرى المولد النبوي الشريف، لكم تحية، ومن نفحات ربكم الرحمن الرحيم تحية.
"ســلام قـولا مـن رب رحـيـم"
إن الاحتفال بمولد خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى اللــه عليه وسلم فضيلة، ومناسبة كريمة، وفرصة إنسانية مقدسة جليلة، تتزامن واحتفال الطريقة الكتانية بموسمها السنوي الأكبر، موسما عظيما نسعى من خلاله، التذكير بأيام اللــه الخالدات، نتدارس فيها الشمائل النبوية، ونستخلص منها العبر، ونتذكر فيها آثار مولانا رسول اللـــه صلى اللــه عليه وسلم، ومعجزاته وأخلاقه، وحياته وسننه، ومعاملته لأزواجه أمهات المؤمنين، وعلاقته بأنجاله
وبأصحابه في الحضر والسفر، وفي الحرب والسلم، وفي الفقر والغنى، وفي سلوكه الشريف صلى اللــه عليه وسلم مع القريب والبعيد بصفة عامـــــة، ونعمل جاهدين على إحيائها، والسير على نهجها، ونشرها بمختلف وسائل النشر: المكتوبة، والسمعية، والبصرية، وبكل ماأوتينا من وسائل فعالة، من قول وعمل، تساعد على مواصلة تبليغ الرسالة المحمدية بأمانة، المبعوث صاحبها عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين، بطرح جديد، يتماشى وروح العصر، فنزيل عنها كل ماشابها، بالعلم والفكر والإيمان، لقوله صلى اللــه عليه وسلم:
" من أحيا سنة أميتت من بعدي، فكأنما أحياني"
ثقة منا بوعد اللــه جلت عظمته، في محكم كتابه:
"لقد كان لكم في رسول اللــه إسوة حسنة"
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم اللــه"
ها هي ذكرى مولدك المجيد يا سيدي يا حبيب الله قد حلت، وسطع نورها رحمة للناس أجمعين.
"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
لقد بعثت يا سيدي يا نبي الله، إلى الناس كافة في مشارق الأرض ومغاربها، وخصّك المولى الكريم جلت قدرته بالشفاعة العظمى :
"إنا أعطيناك الكوثر" "ولسوف يعطيك ربك فترضى"
واصطفاك ربنا ذو العزة والجلال، لتكون صمام أمن وأمان للمؤمنين والمؤمنات من عذاب الله.
"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"
صلى الله عليك وسلم، وشرف وكرم، ومجد وعظم.
إخواننا في اللــه ومحبينا من أجله
إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ما هو بعبادة، ولا هو بعقيدة، لأن العقائد الإسلامية وشعائر ديننا الحنيف، كما هو معلوم، حصرية، لا يزاد عليها ولا ينقص منها شئ. ولكن الاحتفال بمولد خير البرية سيدنا محمد صلى اللــه عليه وسلم، يدخل في إطار الدعوة إلى اللــه التي لا تتوقف، دعوة قائمة ، مستمرة دائمة عبر الأيام والشهور والدهور، بكل بيوت الله، مساجد وزوايا، بل حتى ببيوتنا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، و في هذا، يقول مولانا رسول اللــه صلى اللــه عليه وسلم:
"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللــه، يتلون كتاب اللــه، ويتدارسونه بينهم،
إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة،
وذكرهم اللــه فيمن عنده"
ويقول اللــه تعالى في محكم كتابه:
"قد جاءكم من اللــه نور وكتاب مبين يهدي به اللــه
من اتبع رضوانه سبل السلام"
إخواننا في الله، ومحبينا من أجله
لقد تظافرت أيها الإخوة، عوامل التطور في عصرنا الحاضر ومستجداته المتسارعة، وأحداثه المتوالية، على إبعادنا عن أنفسنا وعن مقومات هويتنا الإسلامية الأصيلة، وعن تاريخنا المجيد، وعن مرتكزات قيمنا الحضارية العريقة. ولعله قد آن الأوان لأن تغتنم الأمة الإسلامية، مناسبة إشراق أنوار الحقيقة الأحمدية على الوجود، في هذه الأيام المباركات، لفتح آفاق الحوار الجاد، على مختلف المستويات، وعلى نطاق واسع، وبكامل العناية والرفق، وغاية الرحمة والود، بين جميع أطياف الأسر المسلمة، وكافة شرائح المجتمع الإسلامي، في مسامرات، ومحاضرات، وموائد مستديرة، للعودة بـنـا، وبأجيالنا الصاعدة، إلى منطلقاتنا الإسلامية الثابثة، وقيمنا الحضارية التليدة، جاعلين نصب أعيننا قول اللـه عـز وجـل:
"إن اللــه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم."
وعندما نحتفل، أيها المؤمنون، بمولد المتبوع الأعظم، والرسول الأفخم سيدنا ومولانا محمد صلى اللـه عليه وسلم، في هذا الشهر الكريم ، شهر ربيع الأول، يكون احتفالنا به، وقفة تأمل، ومناسبة يتاح لنا من خلالها مراجعة الضمير ومحاسبة النفس، بتقييم ما قمنا به من إنجازات تستقيم بها أمور الدعوة إلى الله، بعيدين كل البعد عن كل مزايدة أو غلو أوتطرف، وما قدمناه من أعمال، تمكننا من وضع اليد على مواطن الضعف والخلل في مسيرتنا الدعوية، وبذلك نتمكن من استشراف ما يجب علينا أن نقوم به للدفع بعجلة الدعوة والوعظ والإرشاد، بكل ما أوتينا من الوسائل المتاحة، مركزين على وسطية ديننا الحنيف، لنشر تعاليم الإسلام السمحة، والسنة النبوية المطهرة، مذكرين بفضائل رسولنا الكريم عليه السلام، وورعه وأخلاقه وحكمته ورحمته وتواضعه وعدله، وكل ما جاء في الرسالة المحمدية الخالدة ، من باب التذكير بمنن اللــه على العباد. وقد خاطب اللــه رسوله الأمين في هذا الصدد بقوله تعالى:
"لقد منّ الله على المومنين إذ بعث فيهم رســولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
"وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك، وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين"
معشر المريدين الكتانيين الأعزاء، والمنتسبين والمحبين الأجلاء
مما هو معلوم، فإن موسم الطريقة الكتانية الأكبر، يتزامن مع ذكرى مولد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،ووقع اختيار مولانا الشيخ المؤسس، على هذه المكرمة، لكون الطريقة شيدها طيب الله ثراه، على الإستقامة والتوبة والتقوى، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجعل من العقيدة الإسلامية الوسطية، والتربية الروحية، والهداية الأخلاقية، والترقية السلوكية، وتجديد الفقه الإسلامي عمودها الفقري، ومن الوفاء لثوابت الأمة عقيدة ومذهبا وسلوكا روحيا وولاء لإمارة المؤمنين هدفها الأسمى، سيرا على منهج التصوف السني المتشبث بالسنة النبوية الغراء.
فر حم الله مولانا الجد، ابو الفيض الشيخ المؤسس سيدي محمد الكتاني، وجزاه الله بما يجزي به عباده المتقون، الذي وفقه الله لاستلهام أركان الطريقة الكتانية وعهودها ومعالمها الصوفية الوسطية من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية المطهرة، استنباطا من قول الله تعالى :
"وأن لواستقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه،
ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا"
إخواننا في الله ومحبينا من أجله
إنها لفرصة تاريخية عزيزة، تجعل من استمرار اقتران الإحتفال بذكرى المولد النبوي، والإحتفال بالموسم السنوي الأكبر، للطريقة الكتانية في مناسبة واحدة، ضرورة دينية وثقافية واجتماعية ووطنية ملحة، والحرص على الإحتفال بذكراهما كلما حان موعدهما لأن الهدف واحد.
"اللهم أتم علينا نعمتك، وانشر علينا رحمتك،
وأدخلنا اللهم بفضلك جنتك، إنك سميع مجيب".
وانصر اللهم نصرك العزيز، مولانا أمير المؤمنين سيدنا محمد السادس، اللهم أصلح به أمور البلاد، وقوم بسلطانه شؤون العباد، وأقر عينيه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل المولى الحسن، أنبته الله في كنفه الرضي نباتا حسنا، واشدد اللهم أزره بشقيقه البار، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل المولى الرشيد، وبشعبه المغربي النبيل، سميعا لكلماته، فخورا بإنجازاته،إنك نعم المولى ونعم النصير.
وصل اللهم بجودك وسلم على نور الهدى سيدنا ومولانا أحمد، صلاتك العظمى وسلامك الأقوم، على قدر ماهو أهله، بما هو أهله. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
شيخ الطريقة الكتانية
عبد اللطيف الشريف الكـتـانـي