يعد الشيخ أبو الفيض سيدي محمد ابن الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني مؤسس الطريقة الكتانية في أواخر القرن الماضي، من مواليد شهر ربيع الأول من سنة 1290 هجرية بالعاصمة العلمية فاس.
حفظ الشيخ رضي الله عنه القرآن مبكرا في ثلاث ختمات، وكان من المفتوح عليهم، فانكب على دراسة أمهات المتون في مختلف الفنون والعلوم منذ نشأته الأولى، فنبغ مبكرا وفتح الله عليه فتحا مبينا، فأخذ مختلف العلوم والفنون على جهابذة من علماء عصره في التفسير والحديث وأصول الفقه ومختلف العلوم المعروفة على عهده التي كانت تدرس بجامعة القرويين في فترة قياسية، مما أهله للحاق بأساتذته وهو شاب يافع، فتربع عن جدارة على منابر العلماء الكبار وختم صحيح البخاري ومسلم في بدايته على يدي والده جبل السنة الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني الذي ختم الصحيحين مرات عديدة.
وقد بنى رضي الله عنه طريقته على تقوى من الله ورضوانه، اعتمادا على القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، استنباطا من قول الله عز وجل: "وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا ".
مؤسسا الطريقة الكتانية على الاستقامة والأخلاق، وداعيا إلى تربية نموذجية صوفية سنية، مستغرقة في الذات المحمدية، متحلية بأخلاق القرآن، وشمائل النبوة، هادفا من وراء ذلك كله الإصلاح، وتصحيح الأوضاع الإجتماعية والدينية لخاصة الناس وعامتهم، فجاء بنيان طريقته مؤسسا على أربعة أركان :
الأول : التوبة
الثاني : التقوى
الثالث : التماس الأعذار للعيان
الرابع: نظرة التعظيم لسائر مخلوقات الله بمفاهيمها الإسلامية العامة ومقتضيات ما ينبغي إدماجها في هذه المفاهيم من إصلاح وتقويم وتجديد.
وقد عملت الطريقة الكتانية منذ تأسيسها على دعوة الناس إلى التحلي بالفضائل، وفعل الخيرات، والإخاء، وإلى تربية المريدين والمنتسبين والمحبين تربية روحية صوفية سنية بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، متخذا من المساجد أماكن للعبادة وتصحيح العقيدة وفق أحكام الشريعة المحمدية عملا بقول الله تعالى : "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا".
والزوايا معاهد نظامية للتربية والتعليم، ونشر مكارم الأخلاق، وعلوم العصر، لتخريج نخبة من القياديين مكونين تكوينا صحيحا قادرين على حمل الأمانة التي أؤتمن عليها الإنسان، "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان..."
وغير خاف، فإن الزوايا الكتانية بجميع فروعها بالمدن والبوادي التي تناهز المائة، كانت ملتقى للعلماء، والمريدين، والفقراء، والمنتسبين، وعامة الناس وخاصتهم على الدوام والاستمرار، يتلون فيها كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم تفسيرا وحديثا وفقها وعلما طيلة أيام السنة، كما يتلقون بها علوم الكلام والتاريخ والجغرافية والطبيعية وعلوم الفلك وغير ذلك، إضافة إلى أوراد الطريقة، وفي طليعتها الورد اليومي اللزومي للرجال، وورد النساء، وأوراد السحر والآذان، فأوراد الفجر والضحى، وأوراد بقية الصلوات الخمس، وغيرها من الأحزاب وأذكار الطريقة التي ستجدونها في غير هذا المكان من الموقع الالكتروني للطريقة الكتانية، بنفسها الروحي العالي واستغراقها في الذات المحمدية والنزعة الصوفية الاصلاحية السنية، الهادفة إلى شحن العزائم وتربية الهمم على التطلع إلى التجديد والتغيير الايجابي شكلا ومضمونا، عملا بقول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وقوله عز وجل : "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"، وقوله تعالى: "وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون".
وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون)، صدق الله ورسوله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.