تزامنا مع إطلالة ذكرى المسيرة الخضراء بعد يومين التي أبدعها جلالة المغفور له أمير المؤمنين مولانا الحسن الثاني طيب الله ثراه لتحرير أقاليمنا الجنوبية بصحرائنا الحبيبة، تحتفل الطريقة الكتانية صباح يوم الخميس 4 نونبر 2010 بموسم 26 ذو القعدة التي أوصى بإحيائه سنويا الشيخ المؤسس سيدي محمد الكتاني، والتي تصادف دخوله إلى الكعبة المشرفة في حجته الأولى سنة 1321 هـ، أقامت الطريقة الكتانية احتفالا دينيا بالزاوية الكتانية بسلا، ضم نخبة من الشرفاء وأهل الله وعدد من العلماء والفقهاء والمريدين والمحبين، ألقى خلاله شيخ الطريقة الكتانية الأستاذ عبد اللطيف الشريف الكتاني كلمة بالمناسبتين فيما يلي مضمونها :

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين كنز الهداية، سيد ولد آدم، الذي ليس لأحد فخر إلا بمتابعته ومحبته، وعلى آله وصحبه أجمعين، عدد الألطاف الجاريات.


من عبد اللطيف بن الشيخ محمد الطيب الكتاني، إلى إخواننا في الله، وأحبائنا من أجله،المرجو لهم من علام الغيوب، أن يشملهم بكريم عفوه، ويعمهم بعظيم ألطافه، ويمتعهم بكل خير ديني ودنيوي، وأن يعلمهم العلم النافع، ويفقههم في الدين، ويغنيهم الغنى الأبدي، سادتنا المقدمين، أو القيمين على شؤون الزوايا الكتانية بالحواضر والبوادي، وجميع الفقراء ومريدي الطريقة الكتانية، والمنتسبين والمحبين.


الموضوع : الاحتفال بموسم 26 ذو القعدة، الذكرى التي أوصى بإحيائها سنويا مولانا الجد المؤسس، الشيخ سيدي محمد الكتاني والتي تصادف دخوله رضي الله عنه إلى الكعبة المشرفة، وتشرفه بغسلها في حجته الأولى سنة 1321 هـ.


سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، عن خير ظل الله في الأرض، مولانا الإمام، دام عزه وعلاه.
وبــعــد، لا يخفى على كريم علمكم، أن مولانا الشيخ المؤسس، أبو الفيض، سيدي محمد بن الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني، أنه في منتصف عام 1321 هـ قد قصد بيت الله الحرام، بقصد الحج والعمرة، مصحوب بوفد كبير، ضم مجموعة من هيئة كبار العلماء والفقهاء، وذوي الفضل والأتقياء والأخيار، من الفقراء والمريدين والمنتسبين للطريقة الكتانية، وفي مقدمتهم نجله البكر، جدنا الشيخ مولاي محمد المهدي الكتاني، والعلامة مولاي علي العدلوني، والعلامة السيد أبو بكر التطواني، والعلامة سيدي محمد العمراني، والمؤرخ السيد عبد السلام ابن المعطي، الذي دوّن رحلة مولانا الشيخ هذه إلى الديار المقدسة، في مؤلف سماه : "اللؤلؤة الفاشية، في الرحلة الحجازية" وغيرهم كثير، ممن نعتذر عن ذكر أسمائهم.


ولما وصل مولانا الشيخ، أكرم الله مثواه إلى مكة المكرمة، دخل الخلوة ببيت الله الحرام، في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ولما خرج منها أخبر الوفد المرافق له بما يلي : " إن هذه الخلوة اكتشف فيها أمورا عجيبة، حتى أنه وَدِدَ أن لو أدخل إليها كل أحد، حتى النساء ."
وقد واصل مولانا الشيخ سيدي محمد الكتاني رضوان الله عليه مقامه بمكة المكرمة، بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإلقاء محاضرات قل نظيرها في التصوف والتفسير والحديث، ببيت الله الحرام، وفي لقاءات موفقة، مع كثير من العلماء والفقهاء، وتبادل الإجازات العلمية، مع نخبة من أكابر العلماء والصلحاء، إلى أن حل يوم 26 من شهر ذو القعدة الحرام، من نفس هذه السنة 1321 هـ الذي أكرمه الله فيه بالدخول إلى الكعبة المشرفة.


إن هذا اليوم الأغر، يعتبره الفقراء الكتانيون، والمريدون والمنتسبون للطريقة الكتانية، من أيام الله المباركات، ويعد نقلة نوعية في التاريخ الدعوي والإصلاحي لمولانا الشيخ رضي الله عنه، الذي يسر الله له فيه زيارة الكعبة البيت الحرام، والقيام بغسلها بماء زمزم الطاهر، الوارد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: " ماء زمزم لما شرب له "، والتضرع إلى الله في جوفها، والدعاء للأمة المحمدية، بالنصر، ووحدة الصف والاستقرار، ولمغربنا الحبيب، بالأمن والأمان، والتقدم والازدهار، ولمولانا أمير المؤمنين الملك الهمام، بالعز والنصر والتمكين، محفوظا بالسبع المثاني والقرآن العظيم، محروسا بعينه التي لاتنام.


ومن أجل استمطار بركات هذا اليوم الجليل القدر، ونيل فضائله في هذا الشهر الكريم، نجتمع أيها الإخوة الأفاضل، في هذا اليوم السعيد، بناء على رسالة من مولانا الشيخ، طيب الله ثراه، إلى جميع فقراء ومريدي الطريقة الكتانية ومحبيه بالحواضر والبوادي، أوصاهم فيها بأن يتخذوا من يوم 26 ذو القعدة شهر الله الحرام من كل سنة، موسما خاصا بهم، يجتمعون فيه بزواياهم ابتداء من حلول وقت صلاة الضحى، إلى حلول وقت صلاة الظهر، من أجل الذكر، والتفرغ خلال هذه الفترة للعبادة، وقراءة أوراد الضحى.


ويسعدنا أيها الإخوة الأحبة الأعزاء بهذه المناسبة، أن نَسُوقَ لكم من وصية مولانا الشيخ هذه، الفقرة التالية : "... واليوم دخلت لجوف الكعبة، فينبغي لأحبائنا أن يفردوا ذالك الوقت، بشيء خاص من العبادة، يتجلى عليهم فيه إلحاحهم في التقرب إلى الله عز وجل، والتّحلّي بحُلَلِ عبادته ... " وفي ذالك فليتنافس المتنافسون".


أيها الإخوة الأفاضل والأحبة الكرام
يصادف احتفال الطريقة الكتانية بموسم 26 ذو القعدة الحرام،ـ في هذه الأيام الفاضلة بعد يومين،ـ حلول ذكرى جليلة من أعظم الذكريات الخالدة في تاريخنا الحديث، ذكرى المسيرة الخضراء. إنها المسيرة السلمية الشعبية الرائدة، التي أبدعها المشمول بعفو الله، أمير المؤمنين، جلالة الملك مولانا الحسن الثاني طيب الله ثراه، لتحرير صحرائنا الحبيبة وأقاليمنا الجنوبية من ربقة الاستعمار البغيض، والتي أتت أكلها في حينها بإذن ربها.


إنها مناسبة جليلة، تستحق التخليد والتبجيل، نظرا لما يحفل به تاريخنا العريق من مراحل ومواقف وبطولات أبنائنا البررة، واعتبارا لما حققوه من أمجاد سارت بذكرها الركبان، بتضحيات جسام، في سبيل تحرير هذا البلد واستقلاله، وإحلاله المكانة اللائقة به بين الأمم.


أيها الإخوة الأعزاء
ما أشبه اليوم بالأمس، إن روح قسم المسيرة الخضراء يرفرف خفاقا فوق رؤوسنا، وهو أمانة في عنقنا ينادي بمواصلة التضحية والكفاح من أجل تحقيق أهدافه ومراميه.
إننا نحمد الله على أن سفينة هذا البلد الأمين، هي في يد أمينة، تحت قيادة رشيدة، كرست حياتها ووضعت كامل طاقاتها وجميع إمكاناتها لخدمة هذا الوطن، والحفاظ على وحدة البلاد ومقدساتها واختياراتها، لمواصلة نمائها وتقدمها وازدهارها، إنه أمير المؤمنين، الملك الصالح مولانا محمد السادس أعزه الله.


إن الطريقة الكتانية يا مولاي، لتبارك مواقف جلالتكم البطولية، وخطواتكم الموفقة الشجاعة، لدفع كيد الكائدين، وصد عدوان الظالمين، والزيغ والبهتان عن وحدة البلاد ومقدساتها، فبارك الله فيكم يا مولاي، وحفظكم بما حفظ به السبع المثاني والقرآن العظيم، وسدد خطاكم وشعبكم الوفي معكم، من خلفكم، وعن يمينكم، وعن يساركم، في ركابكم على الدوام والاستمرار. داعين الله العلي القدير،أن يحقق لجلالتكم كل ما تصبون إليه وما ترجون لمملكتكم الشريفة، من عزة ومناعة ونماء، وتقدم ورفاهية وازدهار. وإننا يا مولاي على العهد لماضون. ربنا وتقبل دعائي.


شيخ الطريقة الكتانية
عبد اللطيف الشريف الكتاني