بمناسبة احتفال الطريقة الكتانية، بذكرى معجزة إسراء اللـه عز وجل بخاتم النـبيـئيـن والمرسلين ،سيدنا محمد صلى اللـه عليه وسلم لـيـلا من المسجد الحرام إلـى المسجد الأقصى، وجه شيخ الطريقة الكتانية، كلمة توجيهية، إلى السادة المريدين والمنتسبين والمحبين للطريقة الكتانية بالحواضر والبوادي بهذه المناسبة الجليلة، جـاء فيها مـايـلـي:


بـسـم اللـه والصلاة والسلام على مولانا رسول اللـه، وآلــه وصحبه.

من عبيد ربـه، عبد اللـطـيـف بن محمد الطيب الشريف الـكـتـاني إلى إخواننا في اللـه، ومحبينا من أجله، الأجلة الأخيار، أتباع الطريقة الكتانية أينما تواجدوا، حفظكم اللـه ورعاكم ومن كل سوء وقانا ووقاكم. سـلام اللـه البر الرحيم عليكم، وتحياته وبركاته تـتـرا وتـتوالى لديكم ما قال مؤمن ربي اللـه، عن خير مولانا الإمام المؤيد باللـه، دام عزه وعلاه.

وبـعـد، فأحيا اللـه إخواني قـلب من جـدد إيمانه بخالقه، وأحيا سنة رسوله، وأذاقه حلاوة الإيمان، فحمله ذلـك على المثابرة على إقامة شعائر الدين، بالرغم من كيد الحاسدين والجاحدين، ولوم اللائمين، فنال بذلك رضا خالقه، وخير الدنيا والآخرة،
امتثالا لقول الله تعالى : " وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غـدقا لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا"

أيـهـا الإخـوة الأبـرار، يسعدني ويسرني أن أغتنم مناسبة حلول الذكرى السنوية لمعجزة الإسراء والمعراج، أن أسارع لأصل الرحم مع الإخوة البررة الكرام، وأجدد التواصل مع ألأعزة سادتنا وموالينا الفقراء الكتانيين، والمنتسبين والمحبين لهذه الطريقة الصوفية السنية، التي أسسها مولانا الجد، أبـو الفيض الشيخ سيدي مـحـمـد الكتاني على الاستقامة والتوبة والتقوى، والدعوة إلى اللـه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجعل من العقيدة الإسلامية الوسطية، والتربية الروحية، والهداية الأخلاقية عمودها الفقري، ومن الوفاء لثوابت الأمة، عقيدة ومذهبا وسلوكا روحيا وولاء لإمارة المؤمنين هدفها الأسمى، سيرا على منهج التصوف السني المتشبث بالسنة النبوية الغراء.

أيـها المؤمنون، إن الأيام الفاضلة، والذكرى العظيمة القدر، للمعجزة الربانية الكبرى الإسراء والمعراج التي نعيشها في هذا الشهر الكريم، شهر رجب، أحد أشهر اللـه الأربعة الحرم، لتذكرنا بأيام اللـه الخالدة في تاريخ الإسلام، وبأحد أمجاد الإســلام النيرة، في الـتاريخ التليد لنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين، التي أعلنها سيد الكائنات سيدنا محمد صلى اللـه عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى، أن خالق الكون، وصانع المعجزات، رب العزة والجلال والإكرام، قد أسرى بعبده ليلا بجسده وروحه يقظة لامناما من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في رحلته التاريخية، التي أذهلت العقول، فصدقها المسلمون، وأنكرتها قريش المشركة، ودفعها غرورها وكبرياؤها إلى تكذيب الرسول صلى اللـه عليه وسلم، وهي تعلم أنه الصادق الأمين.

أيها المؤمنون، لقد من اللـه جل وعلا على خاتم أنبيائه ورسله في رحلته المباركة هذه، أن أرى اللـه عز وجل، رسوله الكريم، ببالغ قدرته، وعظيم حكمته، بعض آياته الكبرى، سبحانه جل وعلا، علمه فوق كل ذي علم عليم، وأنه على كل شيء قدير، "بسم اللـه الرحيم، سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير" ويقول المتبوع الأعظم صلى اللـه عليه وسلم : " لاتشد الحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هـذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى" فإسراء ومعراج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حق وصدق، وعلينا أن نومن أنه تم يقظة لامناما، وبجسده الطاهر صلى اللـه عليه وسلم وروحه. "ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة مايغشى، مازاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى.

والخـلاصـة، فإن معجزة الإسراء والمعراج ليست كالمعجزات الأخرى، لأنها لم تقع على مرآى ومسمع من المِِؤمنين الصادقين، بل حصلت للرسول صلى الله عليه وسلم على انفراد، وبذلك يكون سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، هو الإنسان الوحيد الذي أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى على متن البراق صحبة الملك سيدنا جبريل عليه السلام، ومنه عرج الله سبحانه وتعالى بخاتم الأنبياء والمرسلين إلى السماوات العلا إلى أن وصل إلى سدرة المنتهى .

فإن كان الإسراء آيـة أرضية، من بيت الله الحرام إلى المسجد الأقصى، فإن الغاية المتوخاة منها هي أن يتأكد البشر، أن الله تبارك وتعالى قد خرق بقدرته لرسوله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قوانين الأرض، وأنه جل وعلا قادر على أن يخرق له قانون السماء، فالزمان والمكان مخلوقان من مخلوقات الله، ومعجزة الإسراء والمعراج تمت بقدرته عز وجل، وحكمته البالغة. ولقد كانت معجزة الإسراء والمعراج لرسول الله صلى الله عليه وسلم للتبليغ عن الله تعالى بأعظم ركن من أركان الإسلام، وهي الـصـلاة، التي فرضها الباري سبحانه من دون وحــي، في أشرف مكان عند سدرة المنتهى، إعلاء لشأنها وتعظيما لقدرها.
اللهم ارحم أمة سيدنا محمد، اللهم انصر أمة سيدنا محمد، اللهم اجبر كسر أمة سيدنا محمد، اللهم فرج كروبنا وكروب المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها، واجعل بيننا وبين كل مكروه حجابا مستورا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، وبالنظر إلى وجهك الكريم، بمحض جودك وإحسانك ورحمتك، يا أرحم الرحمين يا رب العالمين.

مولانا أمير المؤمنين، جلالة الملك سيدي محمد السادس، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتعلو به راية الإسلام والمسلمين. اللهم أنجح مساعيه في سياسة أمور البلاد، ومعالجة قضايا العباد، وكن له يا رب عونا وظهيرا، وسندا ونصيرا. إنك على كل شيء قدير.

اللهم أدم على جلالته، نعمة الصحة والعافية، واحفظه بما حفظت به السبع المثاني والقرآن العظيم، واجعل يا مولانا روح القدس معه في حله وترحاله، وفي جميع حركاته وسكناته، قرير العين بصاحب السمو الملكي ولي العهد المحبوب، الأمير الجليل مولاي الحسن، أنبته الله في حضن جلالته الرضي نباتا حسنا، وشد أزره بشقيقه السعيد الأمير مولاي رشيد، وبالشعب المغربي قاطبة، ملتفا حول عرشه، مستظلا بظله، محتميا بحماه، متبعا لخطاه، ربنا وتقبل دعائي.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها ســلام، وأخـر دعواهم أن الحمد للــه رب الـعـالـمـيـن

ســلا، في : 28 جمادى الثانية 1432، موافق 01 يونيه 2011

شيخ الطريقة الـكـتانـيـة
عبد اللطـيـف ا لشريف الـكـتـانـي