أول نشاط لشيخ الطريقة الكتانية عقب تسلمه الظهير الشريف للمشيخة، في العشر الأوائل من شهر مارس 2009. لم تمض إلا فترة وجيزة على تسلم الأستاذ عبد الطيف الشريف الكتاني ظهير تعيينه شيخا للطريقة الكتانية، حتى شرع في مزاولة مهامه بحزم ونشاط.

وقد دشن الشيخ مهمته النبيلة بجولة تفقدية للزوايا الكتانية المنتشرة بعدد من المدن والقرى بالمغرب، مبتدئا بالزاوية الكبرى بفاس الكائنة بحومة القطانين من عدوة القرويين، لكون هذه الزاوية لها تاريخ مجيد في نشر العلم والمعرفة والتربية الصوفية السنية، فقد بناها سنة 1872 هـ العارف بالله الشيخ سيدي محمد بن عبد الواحد الكتاني.

ولما أسس أبو الفيض الشيخ سيدي محمد بن سيدي عبد الكبير الكتاني الطريقة الكتانية عرفت هذه الزاوية توسعا وازدهارا كبيرين، فقد تخرج منها جيل كبير من العلماء الأعلام، والمفكرين الأفذاذ، والأساتذة المتخصصين في مختلف العلوم الشرعية والعصرية بمختلف فنونها.

وقد برمج الشيخ هذه الزيارة لتفقد أحوال هذه المعلمة لتصادف يوم 06 ربيع الأول 1430 ذكرى الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف الذي تحتفل به الطريقة الكتانية عادة في هذا اليوم من كل سنة.

لقد أحيا الشيخ عبد اللطيف الكتاني بالزاوية الكتانية بفاس ذكرى المولد النبوي الشريف في جو روحاني مرفوقا بصفوة من أعضاء الأسرة الكتانية، في طليعتهم شقيقه الدكتور حمزة الشريف الكتاني، وشقيقه الأستاذ جعفر الشريف الكتاني، والأستاذ عبد الرحمن الشريف الكتاني مقدم الزاوية وفقراء الزاوية، ونخبة من العلماء، ووجهاء المدينة، ونخبة من المنتسبين لعدد من الطرق الصوفية والزوايا الأخرى بفاس.

وجدير بالذكر فإن هذا الاحتفال قد استغرق عدة ساعات في جو روحاني إلى ما بعد منتصف الليل، في جو من الخشوع والسكينة الربانية، سرد فيه قصة المولد النبوي الشريف للشيخ سيدي محمد بن جعفر الكتاني، وأمداح نبوية مختارة والبردة والهمزية، وختم هذا الحفل المبارك بالدعاء لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك سيدي محمد السادس بالنصر والتمكين، وبأن يحفظه الله في ولي عهده الأمين، وينبته نباتا حسنا، وبأن يحفظه الله في مقامه و      ويوفقه دائما وأبدا لصالح الأعمال حتى يصل بهذا البلد الأمين في عهده الزاهر إلى ما يصبو إليه من عزة ومنعة  وتقدم وازدهار، ورخاء، وأمن وأمان، إن ربنا لسميع الدعاء.

وقد استغل الشيخ عبد اللطيف الكتاني هذه المناسبة للاطلاع على أحوال الزاوية البنيوية فوجدها في حالة تبعث على الألم والحسرة، محتاجة إلى إصلاحات كبيرة وترميمات جذرية بما فيها بنيتها التحتية بسبب الإهمال والتهميش التي عرفته هذه الزاوية التاريخية لعدة عقود خلت.

وقد عقد شيخ الطريقة الكتانية جلسة عمل للنظر في الطريقة المثلى للقيام بإصلاح وترميم هذه المعلمة التاريخية، مع عدد من المهتمين بشئون الزوايا، وشرح لهم الوضعية المزرية التي وصلت إليها حالة الزاوية فوجد ولله الحمد منهم جميعا كامل التجاوب والاستعداد التام لمد يد العون والمساعدة في إنجاز الإصلاحات اللازمة لهذه الزاوية التي لعبت دورا كبيرا إصلاحيا في تاريخ فاس بصفة خاصة وقي تاريخ البلاد بصفة عامة.

وقد تم تكوين لجنة تقنية كلفت بإنجاز الدراسات اللازمة للقيام بالإصلاحات في أقرب الآجال، وكلنا أمل في أن تعطي هذه الزيارة أكلها وهذه الجولة ثمارها،  جزى الله العاملين لخير هذا البلد أحسن الجزاء.

"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.

ولنا عودة للاطلاع والوقوف على سير أشغال الترميم والإصلاح وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه، آمين.