وبما أن الوقت أيها الإخوة ضيق، ولا يسمح بالكثير من التطويل فإنني سأكتفي بنماذج من تعاليم الإسلام في هذا المجال على سبيل المثال، كحجة بالغة على ما أشرنا إليه آنفا:

ـ إن الإسلام أيها المؤمنون دين العلم ودين العقل، يحث أتباعه على العلم والتعلم، بدليل قول الله تعالى في سورة الزمر رقم: 39، الآية 9 (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).

وقد اهتم المسلمون بتعلم العلم وتعليمه، وإعمال الفكر والعقل، وإجراء البحوث، وتطوير التقنية على مدى عصورهم المتعاقبة، حتى أرسوا حضارة إسلامية في عصورهم الزاهرة، شملت مختلف العلوم والفنون، استفادت منها الحضارة الغربية الحديثة وأخذت عنها الشيء الكثير.

ويعترف المنصفون الغربيون بجهود علماء الإسلام المميزة في تطوير العديد من العلوم، كالطب والهندسة، والرياضيات وعلم الفلك، والكيمياء والفيزياء، وفن العمارة وتخطيط المدن، من بينهم عدد كبير من المستشرقين الأوربيين، وفي طليعتهم المستشرقون الايطاليون.

من هذا المنطلق ندرك أن التعاون والتعايش بين الثقافة الإسلامية، وبين مختلف ثقافات الشعوب التي تدين بالمسيحية وباليهودية، وحتى الشعوب التي لا تدين بدين، أمر ميسور، وليس هناك ما يمنع منه، فتعاليم الإسلام واضحة في هذا المجال. ذلك أنه قد وضع قواعد قويمة للحوار مع معتنقي الديانات السماوية الأخرى، وأرسى أسس التعاون والتعايش مع مختلف الشعوب المتعددة الأعراق والثقافات على قواعد ثابتة، ومناهج واضحة، امتثالا لقول الله تعالى، في سورة العنكبوت، رقم: 92 الآية 46 (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون).