ـ إن الإسلام أيها الإخوة، يحترم الأقليات الدينية ويحترم ثقافتها ويعترف بحرمتها، وينص صراحة على المحافظة على هويتها الدينية وحقوقها الأساسية، بشهادة عدد من المستشرقين أمثال: "بيارتوماس ارنولد"، انطلاقا من مبادئه السامية، التي تكرم الإنسان كإنسان مهما كان دينه أو جنسه أو معتقده أو ثقافته، نظرا لإيمان المسلمين بالرسل والأنبياء السابقين، وبشرائعهم الذين أتوا بها لهداية البشرية.

إن المعاملة الإسلامية المثالية للأقليات المتعددة الأعراق والثقافات، هي التي أبقت عليها تعيش في كنف الدولة الإسلامية المتعاقبة في أمن وأمان، متمتعة بكامل حريتها في الاعتقاد، وتمارس حقوقها الثقافية متساوية مع المسلمين في الحقوق والواجبات، وعلى الأخص في المدن والحواضر، التي تمتعوا وعاشوا في ظلها في رفاهية ورغد من العيش، آمنين على حياتهم وأعراضهم وأموالهم. وأكبر دليل على ذلك: أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قد أمر بإعدام من اغتال ذميا في عهده، وعلق على ذلك بقوله: "أنا أحق من وفى بذمته". وقال الإمام علي رضي الله عنه، الخليفة الرابع لمحمد صلى الله عليه وسلم: "أموالهم كأموالنا".

ولا يفوتنا في هذه العجالة أن نشير إلى أن الإسلام قد ترك للأقليات الدينية حرية تنظيم أحوالها الشخصية، طبقا لشعائرها السماوية حفاظا على هويتها وثقافتها وتقاليدها، كما ضمن لها حرية العمل والتجارة، وضمن لها التأمين عند العجز والشيخوخة.

ولم تقف سماحة الإسلام عند هذا الحد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، فسمح لغير المسلمين بتقلد عدد من المناصب الهامة في الدولة، وتسلق سلاليمها.