هو عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد ابن عبد الواحد بن عمر بن إدريس بن أحمد بن علي الملقب بـ"جبل السنة"، لاعتنائه الكبير بالسنة والحديث، حيث ختم صحيح الإمام البخاري أكثر من خمسين مرة، إضافة إلى اطلاعه الواسع على الكتب الستة في الحديث الشريف كلها، وتأليفه في هذا البحر دون غيره من الميادين. ولد الشيخ سيدي عبد الكبير بفاس سنة 1268، وأخذ العلم عن والده الشيخ أبي المفاخر سيدي محمد بن عبد الواحد الكتاني، وكثير من علماء عصره. وكان بيته وزاويته مزارا للوافدين إلى فاس من كبار العلماء والمفكرين من المشرق والمغرب. واشتهر الشيخ بمقاومته للاستعمار، ومتابعته الدقيقة لأخبار المحتل والأعمال التحررية القائمة بالبلاد آنذاك، حيث طالبت جريدة "السعادة"، في عددها المؤرخ بيوم الجمعة 8 جمادى الأولى1307هـ موافق 28 مايو 1909م، الشيخ عبد الكبير الكتاني بأن يكف عن ترويج الإشاعات التي تمس بمصالح فرنسا في المغرب. وقام الشيخ بما يسمى بـ "رحلة الوداع"، وهي رحلة طاف من خلالها بمجموعة من المدن المغربية حطت رحالها أخيرا بمدينة الصويرة، وكان يحث فيها الناس على مقاومة الاستعمار، ويذكي جذوة الحماسة في الأتباع من أجل دفعهم إلى طرد الاحتلال الأجنبي عن البلاد. وترك سيدي عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد الكتاني حوالي خمسين مؤلفا، منها "المشرب النفيس في ترجمة قطب المغرب مولانا إدريس بن إدريس"، و"الانتصار لآل النبي المختار، والرد على بحث الشيخ القصار"، ومؤلف في المبشرين بالجنة، وآخر في أسباب رضى الله عن العبد، ورضى العبد عن الله تعالى، ورسالة في تحريم التدخين، وكتاب "تجديد الأسنة في الدب عن السنة"، وكتاب "نجوم المهتدين في دلائل الاجتماع للذكر على طريقة المشايخ المتأخرين، برفع الأرجل من الأرض والاهتزاز شوقا لرب العالمين". توفي الشيخ سيدي عبد الكبير صبيحة يوم الخميس 26 ربيع الأول عام 1333، ودفن بالزاوية الكتانية الكبرى بالقطانين بفاس. وكان منهجه في التربية؛ الاعتناء بالأحكام الشرعية، وتتبع السنن النبوية المعروفة والمضمرة، والتعريف بها، والحض عليها وعلى أتباعها، ومراقبة النفس في الحركات والسكنات، ومحاسبتها.

 

عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"