هو محمد بن جعفر بن إدريس بن الطائع بن إدريس بن محمد الزمزمي بن امحمد الفضيل بن العربي بن امَحمد بن علي الجد الجامع. ولد بفاس عام 1274، وتصدر للتدريس وهو ابن ثمان عشرة سنة، وتصدر بجامع القرويين الأعظم وغيره من مساجد وزوايا فاس الفقه والحديث، ثم ارتقى إلى الرتبة الأولى من رتب علماء القرويين، وصار أستاذ كرسي بها. وفي عهد المولى عبد العزيز ألف كتابه "نصيحة أهل الإسلام بما يدفع عنهم داء الكفرة اللئام"، وهو نصيحة قدمها للملك واصفا بها أوضاع البلاد وأسباب انتكاس الأحوال، وكيفية الخروج من الأزمة المغربية، حين زار السلطان وشرح له أحوال البلاد وقدم الكتاب له. هاجر إلى المدينة المنورة عام 1328، واستوطنها إلى عام 1336، وفي تلك الفترة قام بالحرمين الشريفين بتدريس مختلف الكتب الشرعية، وتعمق في دراسة المذاهب الأربعة وغيرها دراسة تحقيق وتوسع، فأخذ عنه جل أعلام الحجاز والواردين عليها في تلك الفترة، وكانت له علاقات متميزة بحكام الحجاز والدولة العثمانية. استوطن دمشق الشام سنة 1336 هـ، وأقبل عليه الخاص والعام، حيث قام بها بنهضة دينية إصلاحية وأخذ عنه رواد الإصلاح بالشام أمثال السادة العلماء علي الدقر، وهـاشم الخطـيب وعبـد القادر المغربي، وكانت له نضالات متميزة إبان ابتلاء الشام بالاستعمار الفرنسي يشهد له بها كل الرجالات السياسية والعلمية بسوريا. عاد إلى فاس عام 1345، حيث استأنف نشاطه الديني بجامع القرويين عن طريق شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل. ويعد سيدي محمد بن جعفر من رواد علم التاريخ بالمغرب، اشتهر بكتابه : "سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بذكر من أقبر من العلماء والصلحاء بفاس"، الذي أرخ فيه لأعلام فاس ومعالمها، ورجالاتها، وألفه على طريقة التحليل العلمي الحديث بأسلوبه الفقهي التاريخي الدقيق. خلف كتبا عديدة تزيد عن الثمانين، منها "الرسالة المستطرفة في مشهور كتب السنة المشرفة"، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر"، و"الأزهار عاطرة الأنفاس بترجمة قطب المغرب وتاج مدينة فاس إدريس بن إدريس باني فاس"، و"إعلان الحجة وإقامة البرهان على منع ما عم وفشا من استعمال عشبة الدخان"، و"النبذة اليسيرة النافعة التي هي لجملة من أستار مزايا الشعبة الكتانية رافعة". توفي بفاس في 16 رمضان الأبرك عام 1345/1927، وكتبت جريدة الزمان الباريزية الفـرنسية عن وفاته قائلة: "لقد مات أكبر عدو لفرنسا بالمغرب ".

 

عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"