علامة محدث مطلع، وطني مجاهد، خطيب مفوه، شاعر مبدع، داعية إلى الله تعالى. ولد بالمدينة المنورة عام 1334، وانتقل مع أهله إلى دمشق عام 1336، فتلقى بها تعليمه الابتدائي، ثم منها لفاس عام 1345 حيث تربى بها وترعرع في كنف والده أبي الفداء محمد الزمزمي الكتاني، وجده الشيخ محمد بن جعفر الكتاني، وانخرط في سلك طلبة علماء القرويين إلى أن حصل على شهادة العالمية. كما حصل على إجازات في الرواية والإسناد من جمهرة من أعلام المشرق والمغرب. عاش في فاس عالما مدرسا في جامع الرصيف الذي كان يمتلئ في دروسه – على صغر سنه – امتلاءه يوم الجمعة، ولازم الكتابة في الصحافة الوطنية كأديب وطني مرموق. أقام المترجم بالقاهرة نحو خمسة عشر عاما خدم فيها من خلال الجامعة العربية قضايا استقلال المغرب والجزائر وتونس خدمة كبرى، بالتنسيق والتعاون مع مختلف الزعماء والمجاهدين، وعلى رأسهم الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كانت تربطه به علاقة متميزة، امتدت جذورها، وكان مكتبه ومنزله مقصدا لزعماء المغرب العربي ورواد حركته الوطنية، ومقصدا لدعاة الإسلام الذين يزورونه كخبير بالجامعة العربية. ولما أسس الزعيم الخطابي لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة، كان عضوا فيها ممثلا لحزب الشورى والاستقلال. وقد نشر المترجم مجموعة من المقالات في كبريات الصحف المصرية والمشرقية، في تمجيد قضايا التحرير، وكان يذيع بهذا الصدد حديثا أسبوعيا من إذاعة "صوت العرب". وفي مصر حصل الأستاذ الناصر الكتاني – إضافة إلى شهادة العالمية من جامعة القرويين – شهادة الماجستير في العلوم الشرعية من دار العلوم بالقاهرة. ثم أصبح أستاذا بدار الحديث الحسنية بالرباط، من أول إنشائها عام 1384 /1964، وبكلية الآداب بجامعة محمد الخامس، إضافة إلى دروسه العلمية بمسجد مولاي سليمان بالرباط وغيرها من المساجد الكبرى التي كان يتطوع لإلقاء الدروس بها ابتغاء مرضاة الله، ودروسه أيضا بدار الإذاعة والتلفزيون في شهر رمضان والمناسبات الدينية الأخرى، وكان داعية إلى تعريب التعليم. وله عدة مؤلفات قيمة؛ منها: "عيون الآثار فيما تواتر من الأحاديث والأخبار"، و"قيد الأوابد في فنون العلم والفوائد"، وديوانين شعريين، وفهرس كتاب "سلوة الأنفاس" لجده الإمام محمد بن جعفر الكتاني، و"الأحاديث المختارة من سند الإمام أحمد"، ومحاضرات في التفسير، وأخرى في شرح مسند الإمام أحمد، ومحاضرات عن الكامل للمبرد، ومحاضرات في علم البيان، ومحاضرات في شرح "الموطأ"، إضافة إلى سلسلة مهمة من المقالات العلمية والأدبية نشرت في مختلف مجلات وجرائد مصر وسوريا والمغرب. عاجلته المنية وهو في الطريق بين مدينتي سلا والقنيطرة، إثر حادث مروع، وذلك في فاتح ذي الحجة عام 1394/1974، وشيع في جنازة مهيبة إلى ضريح الإمام عبد الله بن ياسين في طريق زعير خارج الرباط، حيث أوصى أن يدفن فيه.

 

عن معلمة المغرب بتصرف" - المجلد 20"