الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

يسعد مشيخة الطريقة الكتانية أن تتحف زوار موقعها الإلكتروني من محبين ومريدين ومنتسبين، وكل الناس الأخيار، بنشر ذخيرة من ذخائر هذه الطريقة الصوفية السنية:

 

الـمُنـاجـــاة


للشيخ المؤسس أبي الفيض سيدي محمد بن الشيخ المربي سيدي عبد الكبير الكتاني


إلهـي إن عطاءك غير مشوب بسبب، فتفضّل على من لا عمدة له سوى التدثر بثوب الذلة والخضوع بين يديك مادًّا أكفّ الطمع بأعتابك التي لا تردّ سائلا، واضعا حرّ وجهه على صفحات التراب، معفّرا ثوب مجده على ممرّ الأبواب، باسطا لسان التذلل والانكسار، متنصّلا مما جناه من الذنوب والآثام والأوزار.


إلهـي إن ذنوبنا لا شيء في حاشية نقطة من بحر كرمك الفياض الذاتي.
إلهـي إن وصفي الجهل والقبح، وإن العفو عن مثلي أدخَل في بساط الكرم.

إلهـي إن بضاعتنا مزجاة في بساط المكابدات، فاسلك بنا مسلك أهل الاجتباء والاصطفاء والمحبوبية، فبذلك نحوز الحظّ الأوفر منك، وإلا فالطريق الأخرى وعرةً صعبة المسالك، يا قريب يا مجيب.


إلهـي إن أفعالنا أبطات بنا عن السير إليك، فاجذبنا جذبة قوية لا بالنظر إلينا بل من حيث إنا مساكين وفقراء، إنما الصدقات للفقراء والمساكين.
إلهـي من قدّرت عليه المعاصي فاسلُبه حلاوتها عند فعله لها كي يخفّ عليه الإثم.
إلهـي من قدّرت عليه المعاصي فوفّقه للتوبة عن قُرب، حتى لا ينخرط في سلك المصرّين.
إلهـي إنك سلّطت علينا من لا يرحمنا، وأعميت جفوننا عن رؤيته حتى لا نحترس منه، فأرنا يا رب المخرج إذا أوقعنا في تيه الظلمة والبعاد.
إلهـي أنت أكرم من أن تجمع علينا عذابين، عدم رؤيته حتى أوقعنا في بحر الخطايا والذنوب، وعدم التخلص منه إذا ظفر بأمنيته منّا.
إلهـي أنت أكرم من أن تُشمته بنا، فأيّسه منّا كما أيّسته من عبادك المصطفين الأخيار.
إلهـي أنت أكرم من أن تخزينا ويفرح بطردنا وإبعادنا.


إلهـي انقطعت السبل إلا إليك، وأيس الرجاء إلا منك، وعميت الأعين عن كلّ شيء إلا عنك، فلا تقطع حبلنا عنك، ولا تحُل بيننا وبين مشاهدتك، ولا تعذبنا بذُل الحجاب.
إلهـي إن أعمالنا ليست مخلوقة لنا، فوفّقنا للتوبة حتى تُحبّنا وإذا أحببتنا لا تُعذبنا.


إلهـي إن العفو عن أمثالنا أدخل في بساط الكرم، فنحن أغبياء جاهلون عاجزون، أينما وجّهتنا لا نات بخير، فاعف عنا فيمن عفوت واهدنا فيمن هديت، وقنا شرّ ما قضيت، واجعلنا من عبادك المخلصين.


إلهـي إن يوسف الحُسنِ قابَلََتْهُ إخْوَتُهَ بما تُضَعْضَعُ به الأرْكَانُ، وتُدكُّ به الجبال، وقابَلَهُمْ بمقتضى حُسنه، فقال بعد رَمْيه بأسهم الفرقة ثمانين سنة: (لاتثريب عليكم، اليوم يغفر الله لكم) . وها نحن يا أرحم الراحمين، ما استيقظنا من سِنة غفلتنا حتى أصبحت لِمَّتنا شمطاء، فتجاوز عن مسيئنا، ولا تُقِم قسطاط العدل على محسننا، وهب مُسيئنا لمحسننا، يا نعم المولى ونعم النصير.


إلهـي لَلْوُقُوفُ على شوك السُّعدان، أهوَنُ من وطء موقف المخاصمة.
إلهـي لو لم يكن في فضاعة المحاسبة إلا تِعداد نعمك المتواترة علينا، ونحن منهمكون في المعاصي والمخالفة لكفى، فكيف بإبداء عوراتنا وجهالاتنا.


إلهـي إنك وإن قابلت الكلّ بالعدل والانتقام، فأنت في حُكمك عدلٌ لكن الخُلْفُ في الوعيد من شيم الكرام، وأنت أكرم موجود وخير مقصود، وأفضل من يُرجى وأعلى من يُركن إليه، يا رُكن من لا رُكن له، يا حفيظ من لا حفيظ له، يا معزّ من لا معزّ له، يا كفيل من لا كفيل له، يا عمدة القاصدين، يا راحم المذنبين، يا غافر الزّلات، يا مُقيل العثرات، يا عفوّا عن الجهالات، يا ناصر من لا ناصر له، يا وليّ من لا وليّ له، يا شفيع من لا شفيع له، آنِسْ غُربتي وواصل وحشتي وداوِ صُفرتي وأزح علّتي، وصل فُرقتي، وأجب طلبتي، وارحم شكايتي، ولا تُهمل تقاطر دمعتي، ولا تقطع عَبرتي.


إلهـي إن ذنبي وإن تعاظم فمغفرتك أوسع منه.
إلهـي إن مثلي ينزه قدرك عن مقابلته، فاعف عنّا فيمن عفوت، واهدنا فيمن هديت، وقنا شرّ ما قضيت.


إلهـي إنك وإن أَغْضَيْتَ عن مساوينا فأيّ ضرر يلحقك، فأنت الستّار الحليم، سبحانك سبحانك، المومن الكريم، تنزّهت عن الفحشاء.
إلهـي إنك وإن قابلتنا بالإكرام بدل الانتقام فهو شِنْشِنَتُك التي بها تعرف وديدنك الذي به توصف.


إلهـي إنا وإن أسأنا وأذنبنا وخالفْنا فكرمك يعمّ سائر ذنوبنا.
إلهـي إننا وإن انتهكنا الحَرَم وأزلنا براقع الحياء عن وجهنا فلا نخرج عن كريم بابك، فليس لنا سواك.


إلهـي إن من العدل الظاهر في الأرض كون الشرّ دسّاسا والخير لا نجد له أعوانا، فاعصمنا من الزلل، يا من بيده خزائن كلّ شيء.
إلهـي إنّا وإن خالفنا اتّكالا على التسويلات الظّلمانية فلنا مَهْيَعٌ في التطفّل على الرشحات الفيضية.


إلهـي إن اعتمادي على فضلك، وتقصيري في خدمتك، وإصراري على مخالفتك من الحماقة والجهل والغرور، وعدم اتكالي على عفوك وعدم رجائي مغفرتك مع عظيم جرمي وسوء فعلي وخبث طويتي من عدم حُسن ظني بك.


إلهـي إن الغرماء قد حلّقوا بأبوابنا يطلبون ثأرهم، وليست لنا أعمال نقسمها حتى سُدُسهم، وقد جدّوا في الطلب، وما ثمّ مَن غرّني سوى الثقة بحِلمك، وإسبالك علينا ثوب السّتر حتى ظننا أن ليس يُرفع، فأقل عثرتنا وأجب بالفضل طلبتنا ولا تردّنا على أعقابنا. ربّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين. والحمد لله ربّ العالمين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. وصلّى الله على سيّنا ومولانا أحمد سرّ الذات ولوح التشكلات وآله وصحبه وسلّم.