إن الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
إخواننا في الله، ومحبونا من أجله
إن الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف والحبّ لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، معناه، الالتزام بالشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياة، والتقيد بأوامر الله عزّ وجلّ، واجتناب نواهيه، والتمسك بالسنة النبوية الطاهرة، وبالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كي يطبع النهج العملي للإسلام الوسطي أعمالنا، على مستوى الأسرة، والتربية والتعليم، وفي الفضاء العام، جاعلين من رسولنا سيدنا ومولانا محمد، المثل الأعلى، والقدوة المثلى، للمسلم الصادق، الذي جعل من سيرة وشمائل نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم، التطبيق الفعلي للشريعة الإسلامية، وقيمها العليا، تجسيدا لقول الله تعالى : “كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (آل عمران، 110).
فاحتفال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بهذه الذكرى المجيدة، يجب أن يرتكز على التذكير بالمثل العليا للإسلام وأهدافه السامية، والحث على مراجعة الأمة الإسلامية لسيرتها الذاتية، وسلوكها في التربية الروحية والهداية الأخلاقية، وتجديد لإيمانها بهدي القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، تماشيا مع روح العقيدة الإسلامية الوسطية السمحة، التي تحث المسلمين في جميع بقاع الأرض، على فعل الخيرات، والتسامح والتعايش، والمحبة والإخاء، تجسيدا لقول الله تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة”(سورة الأحزاب، الأية21).
إخواننا في الله ومحبون من أجله، إن أيام المولد النبوي الشريف، التي يغمرنا موسمها النوراني كل سنة بعطاآته الربانية، إذا ما أنزلنا فيها أنفسنا الدرجة الرفيعة، التي يريدها خالقنا لنا سبحانه، حين جعل من آية الصلاة على النبي عليه السلام في القرآن الكريم، آية شرف له صلى الله عليه وسلم قيد حياته، وآية كرامة له ومجد من بعد وفاته، ثم جعلها عز ّوجل من بعد هذا كله، آية باقية إلى يوم الدين، رفع بها من قدر المؤمنين والمؤمنات، من أمته صلى الله عليه وسلم حين أشركهم في فضيلة هذه الصلاة المقدسة، التي يصليها الباري عز وجل في السماوات العلا على نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتصليها ملائكة الرحمان عليه في الملإ الأعلى، ثم نادى إليها المقربين من عباده المؤمنين، أمرا باقيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في قوله تعالى : ” إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.”
وأغتنم هذه الليلة المباركة، وفي هذا المقام الطاهر، لأرفع للجناب الشريف، أمير المؤمنين، جلالة الملك، سيدنا محمد السادس، أصالة عن نفسي ونيابة عن سائر فروع زوايا الطريقة الكتانية بالحواضر والبوادي، بجميع مكوناتها من مقدمين، وفقهاء ومريدين، ومنتسبين ومحبين، وعن الأسرة الكتانية بمختلف شرائحها، أسمى آيات الولاء والإخلاص، والوفاء الصادق، المشفوعين بالولاء المستديم، والمحبة الخالصة، وامتنان الطريقة الكتانية وشكرها الجزيل لمولانا أمير المؤمنين، على رعاية جلالته السامية لها، سائلين المولى عز وجل، أن ينصر مولانا أمير المؤمنين نصرا عزيزا مؤزرا، ويديم على جلالته نعمة الصحة والعافية، ويحفظه بما حفظ به السبع المثاني، والقرآن العظيم، ويجعل روح القدس معه في حله وترحاله، وفي جميع حركاته وسكناته، وأن يبقيه المولى ذخرا للبلاد، وملاذا للعباد، قرير العين بصاحب السمو الملكي، ولي العهد المحبوب، الأمير الجليل مولاي الحسن، وبكريمته صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا خديجة، أنبتهما الله نباتا حسنا في كنفه الرضي، ويشد أزره بصنوه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل المولى الرشيد وبشعبه المغربي النبيل سميعا لكلماته فخورا بإنجازاته ملتفا حول عرشه مستظلا بظله، محتميا بحماه. إن ربنا لسميع الدعاء.
إخواننا في الله، أدعوكم إلى رفع أكف الضراعة إلى العلي القدير، بابتهال مقتبس من “مــنــاجـاة” مولانا الجد، الشيخ المؤسس سيدي محمد بن الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني، لعلنا نصادف في هذه اللحظات المباركات ساعة الاستجابة.
- إلهـي إن عطاءك غير مشوب بسبب، فتفضّل على من لا عمدة له سوى التدثر بثوب الذلة والخضوع بين يديك، مادًّا أكفّ الطمع بأعتابك التي لا تردّ سائلا، واضعا حرّ وجهه على صفحات التراب، معفّرا ثوب مجده على ممرّ الأبواب، باسطا لسان التذلل والانكسار، متنصّلا مما جناه من الذنوب والآثام والأوزار.
- إلهـي من قدّرت عليه المعاصي، فاسلُبه حلاوتها عند فعله لها، كي يخفّ عليه الإثم.
- إلهـي من قدّرت عليه المعاصي فوفّقه للتوبة عن قُرب، حتى لا ينخرط في سلك المصرّين.
- إلهـي إن أعمالنا ليست مخلوقة لنا، فوفّقنا للتوبة حتى تُحبّنا وإذا أحببتنا لا تُعذبنا.
- إلهـي إن ذنوبنا وإن تعاظمت فمغفرتك أوسع من ذنوبنا ورحمتك أرجى من عملنا.
- إلهـي إنا وإن أسأنا وأذنبنا وخالفْنا فكرمك يعمّ سائر ذنوبنا.
“اللهم يا فالق الحب والنوى، أعط لكل قلب ما نوى”
“اللهم أتم علينا نعمتك، وانشر علينا رحمتك، وأدخلنا اللهم بفضلك جنتك،
إنك سميع مجيب الدعوات”
“اللهم صل على سيدنا ومولانا أحمد، الذي جعلت اسمه متحدا باسمك ونعتك،
وصورة هيكله الجسماني على صورة أنموذج حقيقة خلق الله سيدنا آدم على صورته،
وفجرت عنصر موضوع مادة محموله من آنية أنا الله، بل حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده، و آله وصحبه وسلم”. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين.
الرباط، في: 06 ربيع الأول 1447 هـ موافق 30 غشت 2025 م .
الشيخ عبد اللطيف الشريف الكتاني
شيخ الطريقة الكتانية